بحضور جمهورٌ حاشد... بيت الشعر بالشارقة يحتفي بياسر عبد القادر ومحمود الرفاعي ومحمد فكري
ضمن نشاط منتدى الثلاثاء، نظَّم "بيت الشعر" بدائرة الثقافة في الشارقة يوم الثلاثاء 11/ أكتوبر/2022 أمسية شعرية عابقة برؤى الجمال والإبداع الراقي، احتفت بالشعراء: ياسر عبدالقادر من السودان، محمود الرفاعي من سوريا، ومحمد فكري من مصر، وذلك بحضور مدير البيت الشاعر محمد عبدالله البريكي. وقدمها الإعلامي أ. عبد الفتاح صبري، الذي رحب بالمشاركين والحضور، وأشاد بتنظيم الأمسية وجهود القائمين على البيت في إثراء ورفد الساحة الشعرية بالجديد والمختلف دوما. وجذبت أصداء الأمسية جمهورا محباً للشعر والأدب امتلأت به ساحة البيت.
وتناولت مواضيع القصائد أغراضا شعرية متعددة تنوعت اشتغالاتها الأدبية والفنية بين الشدو للشعر، والتأمل في الحياة وأحوالها، والاحتفاء بالطفولة وبهجتها الباقية في الروح، وحضر الرثاء كغرض شعري نبيل. ولم تغب نسائم الشعر الوجداني عن أجواء الأمسية، كما انساب النيل قصائد من شجن وغربة لاقت استحسان الحضور وشنفت أسماعهم.
افتتح القراءات الشاعر ياسر عبدالقادر الذي أطلق طائر قصيدته ليحلق عكس الريح / السائد، متجاوزا العادي نحو الأبدي، يقول:
لِفرْطِ جُرأتِها أرْخَتْ ضَفائرَها
وأفلَتتْ عَكسَ سَهْمِ الرِّيحِ طَائرَها
قَصِيدةٌ لا يَنِي إحْسَاسُها نَزِقًا
يَغوِي بمِشيتهِ الخَضراء شَاعرَها
لإنّهُ قَلبُها.. في حُبّهِ طَفِقَتْ
تَمُدُّ منْ جَرّةِ الألحانِ فَاخِرَها
ثم رثى حزن النيل في صور بديعة أنسنت النيل واحتشدة بدلالات جمالية عالية، فحينا هو الصدر العليل، وهو الرجل الذي يمشي وتعبر السنون والمصائب من خلاله حينا آخر، يقول:
سُنونُ الحُزنِ مُذْ بدّلنَ حَالَهْ
يحاولُ كلُّ مَنْ مرُّوا سؤالَهْ
دعوهُ.. إنّهُ صَدرٌ عَليلٌ
تُهيِّجُ كلُّ عابرةٍ سُعالَهْ
دعوهُ.. إنهُ بالكادِ يَمشِي
تَمرُّ مُصائبُ الدنيا خِلالَهْ
ثم قرأ نصوصا تشف عن حكمة وتأمل في ثوب لغة قشيب، نالت استحسان الحاضرين.
تلاه الشاعر محمود الرفاعي الذي افتتح قراءاته بقصيدة وجدانية تصف خطى المحبوبة التي تُطْرِق اللغات في حضرتها، وتعشب الأرض تحت أقدامها، يقول:
سكنَ الهدوء مراقبا خطواتها
خطوات واثقةٍ بها استحياءُ
لمّا دنت بُهت الجمال بحسنها
واعشوشبت من خطوها البيداءُ
وتلعثمت كلّ اللغات وأطرقت
خجلا فلا وصف لها وثناءُ
ثم تمنى الرجوع لأيام طفولته التي تحفها البهجة والسعادة والبساطة والكرم، ويظللها الحب الصافي، يقول:
ياللطفولة كم بها من بهجة
تروى وتملأ بالسعادة راسي
لو تُرجع الأيام قهوة نشوتي
لملأتُ بالحبّ المعتق كاسي
رثا بعدها أمه في قصيدة جميلة تعاتب الموت، بإثارة تساؤل وجودي موجع حول مدى فهم الموت لماهية الأم، التي لو ذاقها لما اختطف الأمهات، يقول:
ولو يا موت كنت ابناً لأمٍّ
لذقتَ أنينَ فقد الأمّهاتِ
أما تدري بأنّ الأمّ جسرٌ
يجاوزنا إلى شطّ النجاةِ
ثم ختم بقصيدة بعنوان النجاح قابلها الجمهور بالاستحسان والتصفيق.
تلاه الشاعر محمد فكري الذي افتتح قراءاته بلغز شعري مفتوح على احتمالات تأويل استخدم الشاعر فيها تقنية الحذف في النص الشعري، فاتحا أفق التأويل للمتلقي ومحفزا له للبحث عن دلالات النص، يقول:
قـالَ: "هل تظنّ؟ "، قــلــتُ: "ربّــمــا"
"ثـم كيف أن ..؟ " ، قــلـتُ: "عـنـدما"
"مــا هـو الـثمن؟ " ، قـلـتُ: "كــلُّ مـا
قــــد جَـمَـعْـنَهُ، ثـــــم قُــسِّــما"
ســــنَّ لــغــزَهُ، ثــــم أســهـما
ثم قرأ قصيدة تنوعت قوافيها على أوتار القلق، بعنوان البحر الغريق، والذي لا يخشى الغرق فهو غارق في بحر عينيّ محبوبته، يقول:
وكــيــفَ الــبـحـرُ يُـغـرِقُـنـا
عـيـونـكِ بـحـرُهـا أعــمـقْ
أنـــا والـبـحـرُ فــي خـجـلٍ
نُـــــقِــــرُّ بــأنــنــا.. نـغـرَقْ
ثم تغنى لمحبوبته/ بلاده التي تنشر نيلها ضفيرة على صدر غربته وأشجانه، يقول:
أنــــتِ الــفـتـاةُ الــتـي فُــكّـتْ ضـفـيـرَتُها
نــيـلاً تــفـرّعَ مـــن عـيـنَـيّ نــحـوَ دمـــي
سـلـي الـمـطاراتِ كـم يـعقوبَ فـي حَـزَنٍ
وكــــم لـيـوسُـفَ مـــن بــئـرٍ بـــلا حِــكَـمِ
وفي الختام كرم الشاعر محمد عبدالله البريكي الشعراء المشاركين ومقدم الامسية.