في أمسية لبيت الشعر بالشارقة.. يعقوب والمؤلف والغساني يقرؤون مجازفاتهم الوجدانية في "الشارقة للكتاب"
بيت الشعر – الشارقة
نظم بيت الشعر بدائرة الثقافة في الشارقة أمسية شعرية يوم الأربعاء الموافق 8 نوفمبر 2023، في قاعة الفكر بمعرض الشارقة الدولي للكتاب، شارك فيها الشعراء، محمد إبراهيم يعقوب من السعودية، علي المؤلف من البحرين، و ناصر الغساني من سلطنة عمان، بحضور الشاعر محمد عبدالله البريكي مدير البيت، وقدمها الإعلامي السوداني عصام عبدالسلام الذي أشاد بأمسيات بيت الشعر الممتدة طوال العام على بساط الدهشة، والتي أضفت جمالاً حقيقياً على المشهد الثقافي، خصوصاً في ظل احتضان البيت للعديد من الشعراء أصحاب المواهب الحقيقية، بالإضافة إلى استضافة تجارب محلقة في الواقع الشعري، لها رصيد عند الجمهور، وأن ما تحقق بهذا المستوى من النجاح يعود للدعم اللا محدود من قبل صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي تمثل مبادراته للشعر والشعراء شريان حياة.
وقد اتسمت قصائد الشعراء بالبوح الذاتي، والاستفاضة في استجلاء الذكريات، والغوص في اجتراح مضامين تعبر عن الاغتراب والحب، ما يسكن النفس من عواطف وعواصف، بما يعبر عن نماذجهم الشعرية المطروحة التي تتباين في مواقفها ونظرتها للذات والقضايا الإنسانية، وقد التحم الجمهور مع الشعراء وإلقائهم العذب، ودفقاتهم الشعرية المعبرة على جناح الخيال والإبداع، بخاصة أن أمسيات بيت الشعر تحظى باهتمام واسع من قبل الجمهور.
في بداية الأمسية قرأ الشاعر محمد إبراهيم يعقوب قصيدة بعنوان "حافة يقينٍ ما" التي يفلسف فيها الحياة، ويضمنها الحكمة بلغة جمالية مصفاة، وباستخدام إشارات دالة تبرز مدى قدرته على إضفاء اللمسات الجمالية على المفردات، وهو ما يبلور مشاعره المتقدة في الأبيات فيقول:
مقامُكَ ما جازفتَ تمحو وتشتهي
وكلّ وصولٍ آخر الأمر زائلُ
قرأتَ كتاب الناس سبعين مرّةً
وأوّلُ سطرٍ في الحنوّ التغافلُ
ولا صبر إلا دونهُ ريح يوسفٍ
وتُبطئُ أحياناً إلينا القوافلُ
ثم قرأ قصيدة "اتّكاء على كتفٍ متعبة" معبراً في ثناياها عن تصوير الضعف الإنساني في ظواهره المبطنة والواضحة، بما يبرز جدليات الواقع الإنساني وما يكتظ به من هموم وأحزان، فيقول:
رحلنا ..لنعرف أسماءنا
فمال الغياب بنا وانعطفْ
إلى أين يا ضعفنا الآدميّ
إلى موعدٍ في أعالي الصُّدفْ
كبرناعلى قفزةٍ حرّةٍ
تهمُّ وتسقط في المنتصفْ
خساراتنا ..فرصةٌ تُستعادُ
ولكنّنا لا نُصيب الهدفْ
وقرأ الشاعر علي المؤلف قصيدة "تدري ألفتُك فالتفِتْ لي" التي يحاكي فيها أبو تمام في قوله "كم منزلٍ في الأرض يألفُه الفتى" لكن الشاعر وظف حالته الوجدانية بصور وأخيله تلائم أجواءه النفسية فيقول:
خذني لأبعدَ ما استطعتَ فليس لي
إلاَّ وجودُك في الوجودِ المقبلِ
قُلْ: وامتحنْ صبري عليكَ ولا تخفْ
منْ جوعِ أسئلتي وفرطِ تعجُّلي
أو لَمْ تربِّي رغبَةً ..؟ليستْ لديكَ ..؟
لمَ السُّكوتُ ..؟وحقِّ من تهوى قُلِ
ثم ألقى نصاً أخر بعنوان " لا فُرصَةٌ للِذَّوبان" الذي يمثل أداة تصويرية لرؤية شعرية خاصة، لا عن طريق الإيقاع فحسب، ولكن عن طريق الاختزال، فالنص محمل بالدلالات ويفيض بالصور المجازية فيقول:
ممَّا سواكَ أَرى كيانَك مُفرغًا
تَأبى المثيلَ وهَل هناكَ مُمَاثِلُ ..؟
فَكأنَّما فيكَ اختصارُ الآدمـ
ــيَّةِ أنتَ أنتَ أَواخِرٌ وأَوائِلُ
فرَّقت ركضَ الوقتِ عَنْ طُرقاتِهِ
فخُطاهُ خاليَةٌ وخطوكَ آهِلُ
لكَ لحظةٌ بين البدايةِ والنَّها
يةِ لَحظةٌ ليستْ تَزول تُزاولُ
واختتم القراءات الشاعر ناصر الغساني وقرأ قصيدة بعنوان "إلاَّك لا وطنٌ" التي يخاطب فيها بعاطفة جياشة محبوبة هي كالوطن، وقد عاد إليها بعد غياب، بما يبرز أسلوبه التخييلي في رصد أدق المشاعر الساكنة في القلب ويستعرض في آن أجملها، فيقول:
ها جئْتُ من سفرٍ ، قطعْتُ سرابَهُ
جَلِدًا ولَمْ أعْثَرْ بقَفْرِ الدَّرْبِ
لكِ في فؤادي الآنَ لهفةُ وردةٍ
في عُزْلةِ الوادي لظلِّ السُّحْبِ
لا تُرْبِكيني بالغيابِ حبيبتي
إلاَّكِ لا وطنٌ لهذا الصبِّ
ثم قرأ قصيدة أخرى حملت عنوان "مُحاولة للخلاص" التي تفيض عذوبة ورقة حيث يستحضر الشاعر جملة من الذكريات ويحلق بها في أسى ولوعة فيقول:
مُحَدِّقًا في بياضِ الذكرياتِ أسىً
كأسي خواءٌ فهَلْ للوصْلِ من شَهَدِ
هذي كمَنْجاتِ روحي في سماكِ لها
رجْعٌ .. يُلَخِّصُ تاريخًا من الكَمَدِ
شواطِئي لا ترى إلاّكِ نورسةً
مُرِّي على شوقِها المَنْسيِّ في الزَّبَدِ
وفي الختام كرّم الشاعر محمد البريكي، شعراء الأمسية ومقدمها.