مقاربات نقديّة حول قضايا الشّعر الحسّانيّ
نظّم بيت الشّعر- نواكشوط مساء اليوم الخميس 22 أغسطس 2024 ضمن إطار سلسلة برنامج "مقاربات نقديّة" الّتي دأب على تنظيمها بشكل منتظم، ندوة نقديّة بعنوان " قضايا الشّعر الحسّانيّ.. الأشكال والمضامين"، وقد قدّم الجلسة الأستاذ الدّكتور عبد الله السيّد مدير بيت الشّعر- نواكشوط، الّذي مهّد للنّدوة تمهيدا عامّا تناول من خلاله مجال الأدب الحساني وفضاءه المحلّيّ وإسهامه في إثراء الذّاكرة الأدبية والوجدانيّة لمجتعات الصّحراء، متطرّقا بشكل تحقيبيّ موجز إلى ظهور الشّعر العربيّ الحسّانيّ ومرافقته لازدهار نظيره الفصيح، معلّلا تضافر عوامل الإبداع إلى نضوج الحركة الثّقافيّة بين القرنين الهجريين الحادي عشر والثّالث عشر.
وقد بدأت المحاضرة مع محمّد ولد اجريفن حصل على الباكالوريوس الموازية للمتريز عام 1997، ثمّ الماجيستير في تخصّص "الحوسبة الموزّعة" من جامعة بونوا الماليزيّة عام 2005، ومشتغل حاليا بإعداد دراسة دكتوراه في جامعة "أوتاوا الكنديّة " حول شبكات النّقل الذّكيّة"، وله بالإضافة إلى مساره العلميّ الصِّرْفِ إلمام واسع بمجالات الأدب ونقده لا سيما الشّعر الحسّانيّ، وله ديوان حسّانيّ مطبوع بعنوان "مع الموزون" وآخر فصيح غير منشور بعنوان "تغاريد المهجر" ، وعدّة بحوث ودراسات تتناول فنّ الشّعر الحسّانيّ موسيقى وصورة.
وقد تطرّق في محاضرته إلى تطوّر الشّعر الحسّانيّ من حالة نثريّة أقرب إلى السّجع والنّظميّة إلى الحالة الّتي يعرف بها اليوم، معتبرا أنّ التّأريخ الدّقيق لمسار تحوّلاته الإيقاعيّة يعدّ مبلغا من الصّعوبة، منوّها إلى التقاءات أغلب بحور الشّعر الحسّانيّ مشتقّة من "بت التيدوم" مع مراعاة الفوارق النغميّة من خلال تحوّلات ما يعرف بصوتيّة "الغدعة" الّتي تعطي حسب موقعها هويّة البحر المشكّلة للقصيدة الحسّانيّة.
أمّا المداخلة الثّانية فقد قدّمها التّقي ولد الشّيخ وهو من مواليد 1968 بمدينة نواكشوط، حاصل على دكتوراه في الآداب من جامعة القاضي عيّاض بالمغرب، عضو باتّحاد الأدباء العرب، أمين العلاقات الخارجيّة باتّحاد الأدباء والكتّاب الموريتانيّين.
وكان مدار حديثه حول المقارنة بين مضامين الشّعر الحسّاني ورافده العربيّ الّذي يستقي منه الصّورة والخيال وطرائق التّعبير، رابطا بين مقارنته بنماذج مختلفة من شعراء الفصحى أمثال الذّيب الحسنيّ وكثيّر عزّة معرّجا على الغراميّات في النّمطين منذ ظهور كلاهما مترادفين ضمن سياق زمنيّ واحد تقريبا، ويرى من مظوره الشّخصيّ أنّ الأشكال والمضامين تنحت من بلاغة واحدة إلّا أنّ تباينات التّركيب بين اللّهجة والفصحى لا بدّ أن يكون لها الأثر الواضح بحكم البنية والدّلالة.
فيما كانت المحاضرة الثّالثة للأستاذ محمّد نوح محمّد فاضل حاصل على باكلوريا الآداب الأصليّة 2007 بنواكشوط، ثمّ شهادة المتريز في تخصّص الإدارة المحلّيّة 2011، وعلى الماستر في القانون الدّستوريّ والعلوم السّياسيّة عام 2014 من جامعة نواكشوط، يعدّ رسالة دكتوراه في القانون الدّستوريّ والعلوم السياسيّة، ذو بحوث ودراسات معرفيّة منشورة، مهتمّ بالعمل الفكريّ والمجال الثّقافيّ، حائز على الرّتبة الأولى في مسابقة "البدّاع" للشّعر الحسّانيّ عام 2008، يعمل مستشارا للمديرة العامّة بالتّلفزة الموريتانيّة.
وقد ركّز في كلمته على جانب المضامين الذي عدّه ثريّا للدّراسة والاستقراء مستشهدا بتقابلات الإفصاح والإحجام في كلّ من أدب الشّيخ محمّد الأمين ولد امحيميد وأدب امحمّد ولد أحمد يوره، وعزا الأمر إلى الخلفيات الثّقافيّة التي تلقي بحمولتها على طرائق التصوير والتّعبير معا بين منطقتي الشّرق والغرب بموريتانيا.
واختتمت النّدوة بمداخلات نقديّة لمجموعة من الدّكاترة والأساتذة الجامعيّين، الذين أثاروا النقاش حول الشّعريّة الحسّانيّة بواسطة البحث في أعماق الأساليب واستقصاء البنيات الجماليّة.