في بيت شعر نواكشوط.. محاضرة "إشراقات علمية وثقافية حول الحياة الثقافيّة الشّنقيطيّة في القرنين: 18م و 19م"

 

 

نظّم بيت الشعر نواكشوط مساء اليوم الخميس 24 أكتوبر سبتمبر 2024  محاضرة علميّة ضمن سلسلة "إشراقات علميّة وثقافيّة"،  تناولت موضوع " الحياة الثقافيّة الشّنقيطيّة في القرنين: 18 و 19 ؛ سياقاتها التّاريخيّة والاجتماعيّة " حيث استضافت الدّكتورين محمد المختار السّعد، ومحمد فاضل محمد الحطّاب وقد أدار الجلسة مدير بيت الشّعر-نواكشوط د. عبد الله السيّد الذي قدّم للموضوع بتمهيد موجز عن الحياة الثّقافيّة والاجتماعيّة في بلاد شنقيط خلال القرنين، وما شهدته من نشاط علمي ومعرفي، محيلا الكلمة إلى المحاضر الأوّل د. محمد المختار ولد السّعد، حاصل على شهادة الدكتوراه من جامعة تونس الأولى عام 2000، عمل أستاذا للتّاريخ بجامعة نواكشوط 1984، ورئيسا لقسم التاريخ 1986، وكان أوّل رئيس لرابطة المؤرّخين الموريتانيّين، عمل باحثا بدائرة القضاء بإمارة أبو ظبي، من أبرز أعماله المعرفيّة: القبيلة والبني "القبلية بين الثّبات والتغيّر من خلال مسألة العاقلة" و " الإمارات والنظام الأميري الموريتاني: النشأة والأطوار السياسية الكبري" و "تجربة التطور الديمقراطي في موريتانيا: السياق – الوقائع – آفاق المستقبل. بالتعاون مع أ.د. محمد بن عبد الحي".
وقد عبّر في محاضرته عن التّاريخ الشنقيطيّ ضمن القرنين 18 و 19، واصفا هذه المرحلة بحقبة الازدهار الثقافيّ الشّنقيطيّ في الوقت الّذي يشهد العالم العربيّ فيها تراجعا فكريّا غير مسبوق، وعزا الظّروف الصّحراويّة والبعد عن نقاط الصّراع السياسيّ الإقليميّ وتأثيراته الاجتماعيّة، ومناسبة البيئة الموريتانيّة للتّفرّغ المعرفيّ عوامل جعلت من الحركة الثّقافيّة تشهد تناميا متسارعا قلَب كلّ المعطيات المتعارف عليها، متصوّرا أنّ حركة التعرّب وانتشار المحاظر وأمّهات كتب التّراث العربيّ والشّريعة الإسلاميّة والاهتمام المنقطع النّظير ساعد على خلق أجواء بيئة معرفيّة تجلّت انعكاساتها في مجالات الأدب والمراسلات وقضايا الفقه والعقيدة والإمارة.
فيما أحيلت الكلمة ثانيا إلى د. محمد فاضل محمد الحطّاب، حاصل على دكتوراه في التّاريخ المعاصر من جامعة تونس الأولى 2001، أستاذ بجامعة نواكشوط، درّس في كليّة الدّراسات الإسلاميّة والعربيّة بدبي، ثم بجامعة الوصل في دبي، له عدّة أعمال معرفيّة من ضمنها بحوث محكمة وكتابان. يشغل حاليا منصب مدير النّشر والاتّصال والتّوثيق بجامعة نواكشوط .
ورأى د. محمد فاضل الحطّاب ضمن محاضرته: أنّ الحياة الفكريّة ضمن السّياق المحدّد تاريخيّا شهدت نقلات مختلفة بحسب الأحداث التاريخيّة والهجرات الاجتماعيّة الكبرى، وعدّ التطوّر العلميّ الّذي شهدته الجغرافيا الشنقيطيّة كان نتاج نشوء الحواضر الكبرى الّتي تبنّت الاستقرار في بيئة صحراويّة شبه معزولة عن مدن مراكز الحضارة، غير أنّ هذا التمدّن المصغّر لم يخلق فضاء حضاريّا واسعا تنسجم فيه الطبقات الاجتماعية المتنوّعة سياسيا، بل ظلّ الرّابط الثّقافيّ هو السّمة النّاظمة للخيط الاجتماعيّ، وعكست هذه الثّقافة صورة نادرة الوجود من التّعايش المنصهر والعلاقات الشّاملة، بالرّغم من وجود حروب وصراعات بينيّة أخذت طوابع ثقافيّة إيديولوجيّة، وعرقيّة أحيانا، بيد أنّ تجاوز الذّاكرة الثّقافيّة لها كان سرّا من أسرار مواصلة العطاء الثّقافيّ والتّميّز المعرفيّ الذي زخرت به بلاد شنقيط خلال الفترة المذكورة، أنمى طرقا صوفيّة بارزة ومدارس أصوليّة رسّخت قواعدها المذهبيّة بواسطة المكانة الاجتماعيّة لدعاتها. 
وقد عقّب مدير الجلسة د. عبد الله السيّد على المحاضرتين في سياق الفتوى والنّوازل وجدليّة التقليد والاجتهاد وقضيّة التّصوّف في المخيال الجمعويّ للشّناقطة وسجالات العلماء نثرا وشعرا حول هذه القضايا البارزة.
واختمت الندوة بمداخلات قيّمة لأساتذة ودكاترة جامعيّين وسط حضور متميّز لباحثين أكادميّين وصحفيّين وشعراء وجمهور من المهتمّين بالشعر والثقافة، وانتهت بالتقاط صورة جماعيّة تذكاريّة لضيفي الإشراقات مع مدير بيت الشّعر-نواكشوط د. عبد الله السيّد.