افتتاحية لوزارة الثقافة تشيد بتميز نسخة هذا العام من مدائن التراث / خطاب الرئيس و المنجزات على أرض الواقع

مثلت النسخة الثالثة عشرة من مهرجان مدائن التراث بشنقيط موسما وطنيا، وورشا تنموية مجسدة، وقمة ثقافية بامتياز.

وقد تميز المهرجان بخطاب فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني الذي دعا فيه إلى هبة وطنية بغية تجاوز كل رواسب الماضي لبناء مستقبل قائم على التآخي والإنصاف؛ مستقبل تسود فيه العدالة الاجتماعية والمساواة ومبدأ المواطنة. كما استحضر صاحب الفخامة في خطابه الجهود الكبيرة التي بذلتها الدولة لترفيع المكونة التنموية في المدن التاريخية، تعزيزا للخدمات الأساسية وصونا للتراث المجيد.

وشكلت النسخة الثالثة عشرة من مدائن التراث بمدينة شنقيط تحولا نوعيا وتطويرا غير مسبوق لكل المكونات التنموية والعلمية والفنية الأدبية والتنظيمية.

فعلى الصعيد التنموي، تم استثمار أربع مليارات أوقية قديمة لصالح مدينة شنقيط، من طرف 19 قطاعا حكوميا؛ تم عبرها تنفيذ مشاريع طموحة تهدف إلى تحسين حياة السكان وتحقيق نقلة نوعية في البنية التحتية والخدمات الأساسية؛ إذ تمت الأعمال المتعلقة بالتزويد الكامل للمدينة بالمياه، وزيادة الطاقة الكهربائية بالنصف.

كما تم تشييد إذاعة شنقيط ومتحف إذاعة شنقيط، ومركز التكوين المهني، والمجمع التجاري وسوق النساء، وتشييد بيت شنقيط للصناعة التقليدية،

وتدعيم البنية التعليمية والصحية، من خلال برمجة بناء مدرستين وروضتين وإكمال الثانوية، وبناء مختبر طبي، ودعم المصادر البشرية بالمركز الطبي. إضافة إلى دعم المساجد والمحاظر، والمنشآت السياحية (النزل، الفنادق).

وفي المجال الاجتماعي، تم تمويل عشرات المشاريع المدرة للدخل لصالح الشباب والتعاونيات النسوية والحرفيين وذوي الهمم.

وتم تثبيت الرمال في خمسة عشر كلم وتسيبج عشرين كلم، وتم استثمار المزرعة النموذجية، وترميم دار الشباب وتجهيز الملعب، وبرمجة تشييد معهد للقرآن بشنقيط، وإطلاق مشروع مندمج للتنمية الحيوانية، فضلا عن تكوين مئات الشباب تكوينا مهنيا في مجالات السياحة والحرف والفنون وغيرها من المجالات التي تحتاجها المدينة ويحتاجها سكانها.

وفي خطوة تاريخية، ووفاء بالتزام صاحب الفخامة لسكان شنقيط بفك عزلة المدينة؛ لتصبح أول مدننا التاريخية التي تعبد الطريق إليها؛ بدأت الحكومة في تعبيد الطريق الرابط بين شنقيط وأطار، بتكلفة تجاوزت اثني عشر مليار أوقية قديمة؛ مما يساهم في إنهاء عزلة المدينة وفتح آفاق جديدة للاندماج والتطور الاقتصادي والاجتماعي.

وفي إطار المكونة العلمية، شهد المهرجان إنتاجًا معرفيًا غنيًا، حيث تمت طباعة وتوزيع أحد عشر مؤلفًا جديدًا لموريتانيين احتفاءً بالمهرجان، وإصدار ستة كتيبات عن أعلام ومعالم شنقيط.

كما تم إصدار عدد خاص من مجلة “الثقافة” ضم 30 مقالا رصينا استعرض أهم ملامح وميزات تاريخ مدننا القديمة، بما فيها شنقيط وتراثها وأبرز معالمها.

وتم إصدار خمسة أعداد من نشرية مدائن اليومية التي تطبع من شنقيط، وواكبت لحظة بلحظة فعاليات المهرجان وعرفت بالعديد من أعلام المدينة وتاريخها وبعض معالمها.

كما تم خلال المكونة العلمية تقديم 35 محاضرة وعرضا وبحثا في شتى المجالات المتعلقة بالتراث والثقافة والتنمية. وشارك فيها إلى جانب الباحثين الوطنيين محاضرون من المغرب والجزائر وفرنسا والمانيا وامريكا، وتناولت موضوعات متنوعة، منها حماية التراث الثقافي، ودور التجارة عبر الصحراء في الربط بين شمال القارة وجنوبها، والمناهج العلمية في المحظرة، بالإضافة إلى الإسهامات الثقافية والسياسية للمرأة الموريتانية، وفن المدح الشعبي بأبعاده الروحية والترفيهية.

وفي المجال الفني والأدبي، أبدع الشعراء والفنانون في أمسيات أعادت للحاضرين عبق الأصالة ورونق التراث، حيث أمتعوا الجمهور بشعر عذب وموسيقى تأخذ الألباب. وقد شارك في هذه النسخة ما يزيد على 60 شاعرا، وما يربو على ال50 فرقة فنية وطنية ودولية من المغرب والجزائر وإسبانيا.

وتمت إقامة 3 معارض شملت المخطوطات والمطبوعات والصناعات التقليدية والنسيج.

وشهدت فعاليات المهرجان تنظيم العديد من المسابقات، وتم توزيع جوائز القرآن والحديث والفقه والسيرة واللغة.

كما تم تنظيم سباقات الخيل والإبل والرماية والألعاب التقليدية وكرة القدم ومسابقة يومية المدائن.

وتم لأول مرة تكريم أئمة ومؤذني المساجد العتيقة بالمدن القديمة والمؤلفين والباحثين والمشاركين، والحرفيين من أهل مدننا الأثرية اعترافًا بدورهم المحوري في تشكيل الهوية الثقافية وصناعتها.

وقد تميزت هذه النسخة بحضور دولي بارز؛ جعل منها القمة الثقافية والعلمية الأبرز والأهم في تاريخ مهرجان مدائن التراث؛ حيث شارك مديرو منظمات اليونسكو والإيسيسكو والألكسو، ورئيس معهد العالم العربي بباريس؛ ووزير الثقافة الجزائري مما يعكس المكانة المرموقة التي تحتلها موريتانيا على خارطة التراث العالمي، ويؤكد اهتمام العالم بالإرث الإنساني الثري الذي تزخر به مدائنها. كما يشكل هذا الحضور اعترافًا صريحًا بجدوائية وفعالية الاستراتيجية الثقافية الوطنية، والاستعداد لمواكبة وتعضيد هذا الجهد الذي أرسى دعائمه فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، وتعمل حكومة معالي الوزير الأول السيد المختار ولد اجاي على تجسيده على أرض الواقع.

وفي الإطار التنظيمي، أثبتت نسخة مهرجان المدائن بشنقيط قدرتها على استضافة الآلاف من المشاركين، بمن فيهم 221 ضيفًا أجنبيًا، في أجواء تعكس حسن التخطيط وكرم الضيافة. وقد تم توفير جميع متطلبات النقل والإقامة والاستقبال الملائم، بما يليق بمكانة المدينة وتاريخها الثقافي العريق، وقد غادر الضيوف المدينة وهم يحملون انطباعات رائعة، مشيدين بحفاوة الاستقبال وجودة التنظيم.

وقد هنأ فخامة رئيس الجمهورية وأعضاء الحكومة سكان ولاية آدرار، وأهالي مدينة شنقيط، على حسن الاستقبال وكرم الضيافة ودقة التنظيم”.