بيت الشعر نواكشوط يستضيف الشاعر المختار السالم في تجارب مثمرة
نظّم بيت الشّعر- نواكشوط مساء اليوم الخميس 21 أغسطس 2025 ندوة فكرية بقاعة الأنشطة ضمن سلسلة "تجارب مثمرة" التي تستكشف سير وتجارب الشخصيات المعرفية والأدبية ذات التأثير الكبير في السياق الثقافي، وقد أدار الندوة الدكتور عبد الله السيد الذي مهد بتقديم موجز تطرق فيه إلى سيرة المحاضر، والغاية من ندوات التجارب، واستضافت الندوة المختار السّالم أحمد سالم وهو شاعر ومثقّف موريتانيّ صدر له أكثر من عشرين عملا أدبيّا، فائز بالمركز الأوّل للجائزة الوطنية للصحافة سنة 2012، فائز بجائزة "شنقيط للآداب والفنون" عن روايته "الدّابّة" 2020، وهو عضو فاعل في عدّة مؤسّسات فكريّة وثقافيّة، وعمل محرّرا في عديد المجلّات والصّحف والمراكز الرّسميّة والخارجيّة.
وقد عبر في مفتتح محاضرته عن شكره لبيت الشّعر-نواكشوط مؤسّسة وعمّالا، معتبرا جهوده الدائمة بالخلاقة لواقع ثقافي ومشهد كتابي .
وتطرق إلى تجربته الشخصية التي ميزتها الكثير من الأحداث والظروف المحلية والعالمية متناولا سيرته ضمن مرحلتين : ريفية ومدنية، متحدثا عن نشأته في مجتمع بدوي يعيش على النجعة والترحال بالماشية، تطبعه روح المحظرة بخصوصيتها الثقافية، إذ تلقى تعليمه القاعدي في بيت أهله على جدته مزاولا بين رعي الغنم ورعاية الإبل، وبعدها التحق بالمدرسة الابتدائية العامة في مدينة روصو نتيجة للجفاف الذي ضرب البلاد بعد الاستقلال، وكان من المتفوقين المولعين بالرياضيات والعلوم، لكن الأقدار شاءت له أن لا يكمل التعليم النظامي وينزح إلى العاصمة نواكشوط باحثا عن جواز سفر من أجل الهجرة إلى إفريقية-جنوب الصحراء بهدف العمل لتوفير معاشات العائلة الريفية، ثم هجرة أخرى بدافع ثقافي إلى الخليج العربي، وكانت نواكشوط عام 1987 يومئذ مدينة وليدة تحتدم بالأفكار والسجالات.
إلا أن جريدة الشعب كان لها منعطف آخر غير ترتيباته وخطاه، فمنذ نشره في ركنياتها تعرفت عليه الساحة الثقافية ذات الحركات الفكرية والسياسية، ومن خلالها التقطته مراسلا لصحيفة "الوطن العربي" التي تعد كبرى الصحف العربية آنئذ.
وجد نواكشوط أمامه مشرعة الأبواب بالفرص الذهبية، وألقت المراكز الثقافية العربية إليه اليد استضافة وتكريما، مستفيدا من الكفاءة الصحفية والكتابة الإبداعية معا، وشهد اعتقالات بسبب خطه التحريري، غير أنه لم يكن آبها بكل تلك الإكراهات، عايش الوسط الموسيقي عن قرب كاتبا للأغاني ومستمتعا بجديد الطرب، متحديا القواعد الاجتماعية المحافظة لمحيطه.
كما أشار إلى أن الصحافة منحته الرغبة الشديدة في التفرغ للقراءة والكتابة، موائما بين شخص الشاعر الفنان المتمرد والصحفي العامل الملتزم بالقضايا والنظم القانونية. مختتما كلمته بضرورة إيمان الكاتب بذاته والسعي نحو تحقيق أهدافه بشغف أمام التحديات والعوائق، مؤكدا على أن الطموح جدير بالظفر.
وتخللت الندوة تعقيبات ومداخلات لمجموعة من الأساتذة والباحثين وجمهور بيت الشعر، وسط حضور كبير متعدد الخلفيات من صحافة وشعراء وكتاب وباحثين.