تجليات الروح والذات في بيت الشعر بالشارقة
نظم بيت الشعر في الشارقة أمسية شعرية يوم الثلاثاء الموافق 14 أكتوبر 2025، شارك فيها كل من الشعراء: محمد المؤيد مجذوب، طارق العباس، و مفرح الشقيقي، بحضور الشاعر محمد عبدالله البريكي مدير البيت، وعدد كبير من جمهور الشعر الذي تنوع بين نقاد وشعراء ومحبين للغة والجمال، والذي تفاعل مع الشعراء والنصوص بحماس.
قدمت الأمسية الإعلامية ريم معروف، التي استهلت مقدمتها بكلمة ترحيبية، رفعت فيها أسمى آيات الشكر والعرفان لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، على جهوده المتواصلة في دعم الثقافة، وقالت: " نلتقي هذا المساء في إمارةِ الثقافةِ والشعرِ والأدبِ والحرفِ.. إمارةِ الشارقةِ .. وتحديداً في بيتٍ يحتضنُ عشّاقَه ويحفظُ ملامِحَهم .. فالشعرُ هنا ليس ترفاً لغوياً بل مرآةٌ للروحِ.. ووطنٌ نلجأ إليه حين تَضيقُ بنا الأوطان ".
افتتحت القراءات مع الشاعر محمد المؤيد مجذوب، الذي قدم افتتاحية لقراءاته بأبيات تغنت بالصوت الشعري وقوته وقدرته على إحداث تأثير في الحياة، فقال:
غزيرون لكن قليلون جدا
وباقون لكن يزيدون بعدا
غريبون ..اغويتهم بالمرايا
وكانوا بيادق مذ كنت نردا
ومذ غافل الناس صوتي
الذي كان فردا ويخلد فردا
انا زامرُ الحيّ، سكانُه الخرس،
والصوت، والناي.... أعييت عَدّا
كما قرأ قصيدة " اللحظة الـتي لم تذكرها"، والتي أهداها إلى الشاعر السوداني الراحل محمد إدريس الجماع، مقدما فيها مشاعر من الوفاء والاستذكار لما مر به في حياته من آلام، وكان مطلعها:
ضاقَ الوعاءُ فكيف يحملُ روحا ؟
جرحٌ بجسمك؟ أنتَ لستَ جريحا
من صَرخةِ الوجَع التِي أطلقتَهَا
فسمعتَ من كل الجِهاتِ فحيحا
"أنتَ السماءُ بدتْ لنا واستعصَمت"
أمّا وضوحك لايزالُ وُضوحا
وطُموحنا نجم لديك معلقٌ
أيّ الطُّموحِ ترَى السَّماءُ طُموحا؟
تلاه الشاعر طارق العباس، الذي غاص في تجليات الروح وتساؤلاتها، بنصوص تستنطق رؤية العالم وتداعياته، مثلما جاء في قصيدته "الليل تهمته الظلام"، التي قال فيها:
الليلُ تهمتُهُ الظلامُ.. وتهمتي
أنِّيْ اقْترفْتُ الضوءَ ذاتَ مساءِ
الليلُ جنحُ الَّليلِ حينَ يذيبُهُ المِصْبا
ـحُ يمحوْهُ عنِ الأضواءِ
الذكرياتُ هناكَ تحفرُ ماضيَ اللَّا
ـصَوْتِ إذْ سَبقتْ يدُ الأصداءِ
عشبُ الكلامِ على ترابِ حقيقةِ
الوهمِ الذي صاغتْهُ ياءُ نداءِ
وألقى نصا آخر بعنوان "ما يراه العمى" قدم فيه صورا شعرية سرد عبر لغتها فلسفات الشاعر وتأملاته، فيقول:
لمحْتُ سنا في المدى مُبْهَما
يخبِّرُني ما يراهُ العمى
لمحتُ فلستُ أصدِّقُ هذي
الجراحَ.. إذا ما رأيتُ الدَّما
وليسَ السرابُ سوى صِدْقِ ماءٍ
بعيدٍ يُكذِّبُ ضوءَ السما
وليسَ اليقينُ سوى حَصْرِهِ
بـ(إلَّا) وتلْبيْسِهِ (إنَّما)
واختتم القراءات الشاعر مفرّح الشقيقي، الذي طرّز نصوصه بكوامن المعاني الرقيقة، ففي أحد نصوصه طرح أهمية الشاعر وترفعه واعتزازه بموهبته، فقال:
تبني القصيدة في المجرَّة منزلكْ
وتعيدُ دهشتها تقاويمَ الفلكْ
وعلى السطور البيض تجري نيّة
فرشت على صدر الغواية أجملك
وإذا أطلت من حروفك نجمةٌ
فالضوء أصدق ما يحرِّره الحلكْ
في الشعر تعرفك الحقيقة فطرةً
وتعودُ بعد تمامهِ كي تجهلكْ
أما في نصه المعنون "شغب المرايا" ، فإن الشاعر يقدم سيرة للكتابة والتماهي مع العواطف الصادقة للحظة الإبداع، ومما جاء فيه:
وإنْ سطع الكلام بغير قلبي
زرعتُ الضوء في قلق الحنايا
معي جمر السؤال يجسُّ روحي
ويشعلني إذا خمدت رؤايا
سأعبر يا شقاء البرد وحدي
وذي ناري ستبتكر الحكايَا
وكم تاهت رياحٌ في طريقي
وكنت أعيد للظلّ الزوايا
واختتم الأمسية الشاعر
في الختام كرّم الشاعر محمد البريكي الشعراء المشاركين ومقدمة الأمسية.