شذى الھوى وعبق التاريخ في سجدات ….
النجاح بنت محمذفال
كان المكان مغر : ودٌان المدينة التي ھي سمية مدينة ودان في الجزيرة العربية التي احتضنت أول غزوة لانبلاج الحق وقد قال فيھا متألق السيرة النبوية العلامة البدوي:
أول غزوة غزاھا المصطفى
ودان فالأبْواء أو ترادفا
أما وقد اتقدت الشحنة التاريخية في قصيدة سجدات في محراب الضاد للشاعر أحمد ولد الوالد التي القاھا في مھرجان مدائن التراث في مدينة ودان فقد تزاحم التوقد مع الم الفقد معززا بذلك نمنمات التخيل في علاقة الأدب بإدراك الواقع مما شكل دراما أدبية نسجھا التقابل الضدي بين الق التوقد وألم الفقد خاصة وأن المفقود بدر يتوارى، ھو الق الضاد ،ھو مقام الضاد :
كُلُّ قَلْبٍ بِالتَّبَارِيحِ اتَّقَدْ
فَبَرِيقُ الضَّادِ؛ بَدْرٌ مُفْتَقَدْ
يَتَوَارَى بَيْنَ مَاضٍ قَدْ تَوَلْــ
ــلَى وَفَجْرٍ فِي غَيَابَاتِ الأَمَدْ
تقابل ضدي بموجبه فاءت القصيدة لتعبث بالمتلقي الذي حشرتھ بين ماض تولى وحاضر يتوارى يمثله تقابل ضدي آخر :
ثغر صامد يقابله جرح نازف في عصرالنكد
ثَغْرُكِ الصَّامِدُ هَلَّا سَاءَهُ
جُرْحُكِ النَّازِفُ فِي عَصْرِ النَّكَدْ
ويستمر التقابل الضدي بين القوة النابعة من إيحاء الثغر الصامد الذي يرمز إلى قيادة قادرة على أن تجعل الجرح يتخثر ولو انه في بيئة نكد
وقد حق له أن ينزف !
جرح يتنازعه رواد جھنم من أمثال أبي لھب وزجته…
وھنا تتراكم الصور الباعثة على النعي لحال الضاد
أَمْ لَهُ الذُّلُّ وَقَدْ تَبَّتْ يَدَا
هُ وَفِي جِيدِكِ حَبْلٌ مِنْ مَسَدْ
أُمَّةٌ تَشْقَى لِتَبْقَى ثُمَّ تَبْــ ـ
ـقَى لِتَشْقَى بَلْ لِتَبْقَى فِي كَمَدْ
فَهِيَ لَمْ تُقْلِعْ وَلَمْ تُبْحِرْ وَلَمْ
تَدْرِ أَنَّا قَدْ خُلِقْنَا فِي كَبَدْ
كُلَّمَا قُمْنَا نُوَارِي زَبَداً
قَذَفَ الْبَحْرُ مَعَ الْمَوْجِ الزَّبَدْ
فمن ذا بعد جھنم يأوي ساكنيھا ؟
لقد استقر الذل والھوان باستحضار اسرة ابي لھب التي لاتنقصھا عوامل الھداية ولكنھا تشقى كحال الامة العربية اليوم التي لاينقصھا عدد ولا مدد ولكنھا :
أُمَّةٌ تَشْقَى لِتَبْقَى ثُمَّ تَبْــ ـ
ـقَى لِتَشْقَى بَلْ لِتَبْقَى فِي كَمَدْ
استباح الشاعر ولد الوالد اشقياء العرب كما فعل القرآن مع ابي لھب وھي صورة نادرة في العربي أن يستبيح الشاعر أعراض اشقياء العرب و ينوه في نفس الوقت بعظماء الأمة ممثلين بالثغر الصامد في نفس الوقت
ولذلك استحضر عديد الأدوات من أجل الحسم والتبتل في محراب الضاد وذلك من خلال السجدات التالية :
-سجدة الجلَد
فَتَجَلَّدْ فِي هَوَاهَا وَاصْطَبِرْ
فَرَخِيصٌ فِي هَوَى الضَّادِ الْجَلَدْ
فَاعْمَلِ الْيَوْمَ لَهَا قَبْلَ غَدٍ
لَا تُؤَجِّلْ عَمَلَ الْيَوْمِ لِغَدْ
وبما أن تجلد في ھوى الضاد رخيص لكنھ وقودالمواجھة الدائمة من أجلھا كما فعل الشاعر المعتمد بن عباد اسير أغمات
الذي ظل وفيا لھا يقرض الشعر وھو في القيود وَاعْتَمِدْ فِي حُبِّهَا تَحْرِيرَهَا
وَلْتَكُنْ فِي حُبِّهَا كَالْمُعْتَمَدْ
ثم غيره من العرب المتمسكين بفضيلة الوفاء كما في قصة الحارث بن عمرو الكندي مع صخر بن نھشل حيث المثل العربي القديم "أنجز حر ما وعد "
وَعَدَتْنَا كُلُّ قَوْمٍ نَصْرَهَا
لَيْتَ قَوْماً أَنْجَزَتْنَا مَا تَعِدْ
سجدة الحذر الحذر وھو مستمد من
واقع الخيبات السابقة لكن الشاعر طوع إحدى قصص النكس في العلاقات العاطفية لتفي بالرسالة :
وَعَدَتْنَا كُلُّ قَوْمٍ نَصْرَهَا
لَيْتَ قَوْماً أَنْجَزَتْنَا مَا تَعِدْ
خيبات نمت ھواجس الحيرة والحسرة والألم الصديق المنبعث من تكرار النكس والنكوص ھواجس دفعت الضاد ھنا ثمنها رغم وعود قوم آخرين وعدوا بالصلاة في محرابھا وماكانت صلاتھم إلا "مُكَاءً وَتَصْدِيَةً ۚ
مجرد وعود "ھندية" كما في قصة ھند مع الشاعر عمرو بن أبي ربيعة التي اوردھا في قصيدته :
ليت هنداً أنجزتنا ما تَعدْ
وشَفَتْ أنفسنا مما تَجِدْ
واستبدتْ مرة ً واحدة ً،
إنما العاجز من لا يستبدْ
سجدة العزم العزم مجسدا في قوة بلغت حد القسم
لُغَتِي أَنْتِ سَلَامُ الأَرْضِ وَالْــ
ــجَنَّةِ الْفِرْدَوْسِ فَابْقِي لِلأَبَدْ
قَسَماً بِالْمُتَعَالِي عِظَماً
قَسَماً بِالْوَاحِدِ الْفَرْدِ الصَّمَدْ:
بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُعْجِزٍ أَنْزَلَ الْ
قُرْآنَ يَهْدِي لِلرَّشَدْ
قُلْ هُوَ الْحَقُّ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ
دُونِهِ الْبَاطِلُ بُهْتَانٌ وَصَدْ-
سَوْفَ تَبْقَى فِي سَلَامٍ أُمَّةٌ
وَحَّدَتْهَا {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدْ}.
حشد من الصور الموحية بما تجمعه العربية من إغراء وتحذير وترغيب وترھيب أمام قائد لبلد لم شمل مسارح العربية بكل اجنحتھا أيام البداوة فما بالنا بأيام التحضر ؟؟
حشد تبتل فيه الشاعر ولد الوالد في محراب العربية حاشرا مضامين التاريخ والھوى والقرآن موحيا للقائد محمد الغزواني الماثل أمامه وجها لوجه بأن يقسم على مقام العربية بالآية " قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ "
