"شَــبُّو"... في عيون الشعراء الموريتانيين

منذ القدم فشل سيزيف في منع ظهره مستعرةً أبديةً للصخرة.

أما "شبُّو".. فهو "سيزيف شنقيط" على طريقته الخاصة، فهذا الفتى اليافع قهر الصخرة.. واستغلَّها للنجاة والبقاء على قيد الحياة، فصعد على ظهرها إلى قلوب كل مواطنيهِ في لحظة انحسرَ فيها كلّ شيء إلا منسوب العاطفة الصادقةِ.

وقد أنشد عشرات الشعراء الموريتانيين شعرا صادقا في هذه "الحادثة الوسم"، التي تردد صداها عبر وسائل الإعلام العالمية.

وفيما يلي ننشر لكم بعض هذه الأشعار "الشَّبُونية".

على أن يبقى الموضوع تحت التحديث لمن أرسل لنا مساهمة في هذا المجال.

 

المختار السالم

 

 

 

بداية

النبهاني أمغر:

 

في فوهة الماء بين الماء والماء

    وحدي على صخرة في اليم صماء

رأيت مخلب حتفي وهو ينشبه

       حولي منتظرا سبْحِي أو إغفائي

سامرت موتي لساعات لألهيه

             عن افتراسي لما رام إلهائي

حملت من عالم الأخرى لكم قبسا

            وجذوة دبرت بالليل إطفائي

 

ما زلت أرقب

محمد سالم جدو

 

ما زلت أرقب حتفي وهْو يرمقني ** أخشى التزحزح قد حرّمت إغفائي

وضجة الناس عن بُعْدٍ يدافعها ** عني الخرير، خرير الحتف والماء

حتى هوى الصقر نحوي ثم عانقني ** وحام بي منقذا من هول بأسائي

وصار ما كان للذكرى وها أنذا ** أروي أعاجيب أموات لأحياء.

 

 

 

مشاهدات

 

 

رغـم الـونى لــم ينل صبريَّ إعيائي

في لحظة غمرت بـالخوف أجـوائي

شاهـدت فيها مـن الألطاف طائـفـة

تدني إلى الشيء معنى ضده النائي

فـقـسـوة الصـخـرة الصـمـاء لـيـنـة

وغـضـبـة الـمـاء تنسي رقــة الـمـاء

شاهدت -موتي بموج- الماء يرقبني

ولــم يشأ مـنـشئي بـالـمـاء إفـنـائي

شكرا لمـن جـاء مــن أعلى لينقذني

شكرا لـمـن نقلوا بالـحـرف أصـدائي

 

 

أحمدو (جعفر) عالم أحمذي

 

 

 

لا تخلد لإغفاء

أبو بكر بوري

 

من صرخة الاب مبحوحا ترقبه:

"إياك يا شب لا تخلد لإغفاء

 

واصبر وقاوم ولا تركن إلى جزع

هذا فريق الخلاص المرتجى جاء"

 

من دعوة الام في صمت الدجى ضرعت

لله تدعو بٱيات واسماء

 

من عطف شعبي والانفاس يحبسها

في لهفة مزجت خوفا بتاساء

 

أوقدت نار صمودي فانتشت أملا

يزهو فيسخر من يأس وظلماء

 

مد و لا جزر

 

صدفة أحمد احميتي فال

 

مد و لا جزر.. بت الليل مرتقبا

طوافة قيل قد تأتي لإجلائي

أصغي فأسمع أصواتا تحفزني

كي لا أنام و يصغي الماء للماء:

هذا الفتى سوف ينجو لن يزحزه

طوفان نوح و هذا سيل بحطاء

 

يا ماء ويحك لا تطغى على الماء

 

 باب ولد احمدو أبو

 

 صبري وصبرك بين الماء والماء

يا شب أيقظ أرجائي وأحشاء

أقول أهتف والساعات فارقة

يا ماء ويحك لا تطغى على الماء

وخلف كل خرير كنت اسمعه

أمي أبي وطني في الحاء والباء

يالحظة شنفت اسماع قافيتي

لحنا تعانق فيه السامع الرائي.

 

والله أبدل ضرائي بسرائي

 

  محمد علي عم الأمين

 

 نام الردى وأنا في جفنه أمل

بحت جناجر أحبابي لأحيائى

والماء يطغى ولي صخر يهدهدني

أحنى علي من أماتي و آبائي

أخادع الموت حتى لا يباغتني

وللنعاس حمياه بأعضائي

وثورة الشك في الظلماء أطردها

من اليقين بآيات وأسماء

شعبي تعاطى ولي من قادتي وزر

والله أبدل ضرائي بسرائي

 

 

 القائد السامي

         

المختار احمد فال

 

اليوم برهن هذا القائد السامي

أن البلاد لها راع لها حامي

قد كان في معزل طفل على قلق

والناس ما بين إقدام وإحجام

نادوه في حيرة والموج مندفقا

قد حال ما بين مرأى العين والرامي

فبات يرعى خرير الماء تحرسه

عناية الله يهمي دمعه الهامي

حتى تداركه من ربه مدد

جند أشاوس يقظ غير نوام

فأنقذوه بلا خوف على عجل

بحكمة وبإلهام وإقدام

فأيقن الشعب أن الأمر مرتهن

وتحت إمرة هذا القائد السامي

 

 

 رباه..شبو أسير الريح والماء

 

 أحمد يحي باب

 

 رباه.. شبو أسير الريح والماء

ناء عن الأهل رغم القرب للرائي

يرنو إليك بقلب الطفل، أتعبه

طول الجلوس على صماء بكماء

والأم ترنو إليه وهي داعية

ربا تسامى بأوصاف وأسماء..

والوالد البر أعياه الوقوف على

بوابة السد كي يحظى بإنجاء

والناس ما بين داع، خائف، وجل

وصامت، في ذهول التائه النائي

فلم تخيب إلهي ما دعوك له

ها هو شبو طليقا بين أحياء..

كم أنت أهل لكل الخير ..خالقنا

وكم تمن بألطاف وإعطاء...!

 

نهاية مأساة....

 

أحمد عبد الله السالم

 

١- بين الرجاء وبين اليأس في الماء * والموج يضرب آمالي وأحشائي

٢- وصورة الأجل المحتوم ماثلة * فيها تمزق أحلامي وأشلائي

٣- والوالدان عتوُّ الموج دونهما * فلا سبيل إلى ضمي وإيوائي

٤- وَلَّى النهارُ ولم يُسعف بنجدتنا * والليل ضاعف من همي وأعبائي 

٥- أصغي لصوت أبي يعلو ليؤنسني * ويمنع النوم عني رغم إعيائي:

٦- " إياك يا شِبُّ لا يسرق جفونك لا * نوم ولا سِنة، ماالغوث بالنائي"

٧- كانت عناية ربي لا تفارقني * وقد تجلت بإنقاذي وإنجائي

٨- فالحمد لله والشكر الجزيل لمن * شدوا الحبال لتطويقي وإعلائي

٩- يهوي بها الطائر الميمون يسحبها * ذو همة لا تني نيطت بعلياء.

 

 

 

 

 

يا شب

 

د. أحمد مولود/ لولي

 

ما كانت أمك لولا الله سامعة

ولا أبوك بغير الله بالرائي

ولا التي طوفت في الجو منفذة

بغير قدرته من هادر الماء

أمام إنعامه ينزاح كل أسى

ويحصل المبتغى ويقرب النائي

يا شب فاحمده واذكر من وصيته

في أمهات ضعيفات وآباء.

 

ثاو على صخرة صماء

أحمدو بمب

 

ثاو على صخرة صماء بكماء

اراقب الموت في صمت وإصغاء

يبدو لي الموج أرواح الألى سبقوا

من مرعب ذاهب أو مرعب جاء

لا لا تنم وحدها بالكاد أسمعها

في سورة الموج من بعض الأحباء

رباه ها أنذا في ورطتي صلة

في برزخ بين أموات وأحياء

قد كدت لولى يقين صادق ويد

من طائف اللطف تحني قوة الماء

أطفو على الضفة الأخرى   ممزقة

مني إذا وجدت أشلاء أشلائي.

 

شبو في دواوين الشعراء

 

المصطفى بن أمون

 

في عتمة الليل بين الطين والماء

أكابد الحزن في صمت وإعياء

أراقب الأمل المنشود في قلق

وحدي على صخرة بالقاع صماء

أرنو إلى الموت والآهات تسحقني

ألملم الصبر في أحشاء أحشائي

أحدق الطرف والأمواج تغمرني

أعلل النفس في سر وضوضاء

أمي هنالك فوق الجسر في وله

تشكو إلى الواحد الحنان بلوائي

أبي ينادي وقد بحت حناجره

إياك يا شبو من ضعف وإغفاء

والجمع يرقب من خوف ومن جزع

ما بين صمت وإنشاد وإنشاء

لولا اليقين ولطف الله يحرسني

تمزقت في عباب اليم أشلائي.

 

مع الشبل شبُّو

أحمد ولد الإمام

 

مع الشبل شبُّو في جزيرته الرَّبُّ @ سيكفيه شرَّ الكربِ إن عظُم الكربُ.

فلا تقنطي يا أمُّ بَلْهَ خواطرا @ تنازعها مِن أمره الحُبُّ والرُّعبُ.

فإن الذي أهدى لِذي الجُبِّ مُنقذا @ له مِن غيابات بها اتَّصف الجُبُّ.

ومِن بعده أم الكليم بِربطه @ على قلبها مِن بعد ما فرغ القلب.

فذلك رب الشبل شبو وأمّهِ @ إلَه رحيم قادر حافظ رَبُّ.

 

 

 

لله قادة ذي الأوطان

 

عبد الرحمن محمد اباه

 

العقل أعظم ما يحمي من الفشل      والصبر بين المنايا خير منتشل  

قد أبهر الطفل من شبوا فشب فتى       أبدى لكل فتى إطلالة البطل

 حزما وعزما وإقداما وتضحية        تركن كل فتى كا لشارب الثمل

وجسد الشبل ترسيخا لحكمته     ما أضيق العيش لولا فسحة الامل

 تلك القيادة محفوفا جوانبها     بالعز والمجد والاخلاق والعمل

لله قادة ذي الأوطان إنهم      أهل لما قدموا فيه على عجل

 شفا فؤادي من كرب تحركهم       في أمره مثلما يرجى من الدول

 

أجالس الصخرة

 

 محمد سعيد د ولد الرباني

 

في جبهة من غزير الماء جلواء

ها قد جلست ولم أركن لإعياء

فاض المسيل ولم أعبأ بلجته

أصارع الموت في برد وظلماء

والناس تهتف من حولي مرددة

يا شب قاوم ولا تخلد لإغفاء

أبغي الحياة وإني في الحياة لفي

أوج الشباب وفي مجدي وغلوائي

أجالس الصخرة الصما لتعصمني

لا أغمض الجفن إذ أرنو إلى الماء

وبينما أملي قد كدت أفقده

حامت صقور الحمى في أفق عليائي

فرحت أحمد من لولا عنايته

لما رجعت إلى أحضان آبائي

 

 

سَكَنْتُ بِحَيْرَةٍ جُدْرَانَ صَمْت

 

                   ببهاء ولد بديوه

 

أَسِيفٌ مِنْ ذِهَابِكَ وَالْإِيَابُ

أَسِيفٌ أَنْ يَحُورَ بِهِ الذَّهَابُ

 

يُقَطِّعُ دَوْرَةَ الزَّمَنِ التَّنَائِي

وَفِي آنَائِهَا تَعْوِي الذِّئَابُ

 

عَلَامَ عَلَامَ يَشْتَعِلُ التَّقَصِّي

وَقَدْ ذُعِرَتْ مِنَ الأُفُقِ الْحِرَابُ

 

نَسِيمُ اللَّيْلِ لَيْسَ لَهُ أَرِيجٌ

وَمِلْءَ الضَّوْءِ يَنْتَشِرُ السَّرَابُ

 

وَنَنْعَمُ فِي غَيَاهِبِهِ خُلُوفًا

وَإِخْلَادًا وَقَدْ ذَعَفَ الشَّرَابُ

   

فَقُلْ لِلْغَيْبِ مَا هَذَا التَّرَجِّي

وَقُلْ لِلْأُنْسِ مَا هَذَا الْغِيَابُ

 

أَمُزْدَحِمٌ وَلَيْسَ سِوَى فَرَاغٍ

وَمَعْمُورٌ وَيَسْكُنُهُ الْخَرَابُ

 

أَمَا تَنْفَكُّ هَذِي الْأَرْضُ عَطْشَى

وَإِنْ مُطِرَتْ وَظَلَّلَهَا السَّحَابُ

 

وَتَنْتَهِكُ السِّيَاسَةُ كَأْسَ حُلْمٍ

يَهِيمُ بِهَا وَزَيَّنَهَا الْحَبَابُ

 

عَلَى هَذَيَانِهَا مِنْهَا بَرِيقٌ

وَفِي رَمْضَائِهَا مِنْهَا انْسِكَابُ

 

وَلَوْ شُجَّتْ مِيَاهُ اللَّيْلِ مِنْهَا

لَفَاضَ السُّكْرُ وَانْكَشَفَ الْحِجَابُ

 

وَمَادَ بِهَا عَلَى الْأَرْجَاءِ ظِلُّ

يَمِيدُ بِرَوْحِهِ الصَّحْوُ الْمُذَابُ

 

وَلَكِنَّا نَحُومُ عَلَى مَهَاوٍ

تُعَلِّلُنَا وَأَعْيُنُنَا ضَبَابُ

 

ظَلَامٌ، وَالنَّهَارُ! فَيَا ظَلَامًا

تَزَاحَمَ فِيهِ عُمْرَانٌ يَبَابُ

 

وَقَدْ شَرِقَتْ فِجَاجُ اللَّيْلِ رَيْبًا

وَضَاقَتْ عَنْ مَطَامِحِهَا الشِّعَابُ

 

وَلَمْ تَعُدِ الْكُهُولَةُ شَمْسَ حِلْمٍ

وَلَا حُلُمٌ يَهِيمُ بِهِ الشَّبَابُ

 

وَمَنْ يَبْنِي وَلَيْسَ لَهُ أَسَاسٌ

وَمَنْ يَهْذِي وَلَيْسَ لَهُ صَوَابُ

 

سَلَوْتُ عَنِ الَّذِي تَهْفُو إِلَيْهِ

أَيَادٍ قَدْ يَشُوقُ بِهَا الْخِضَابُ

 

وَنَهْنَهَ لَهْفَتِي أَنْ لَا كَلَامٌ

تَمُتُّ بِهِ إِلَيَّ وَلَا حِبَابُ

 

وَلَا فِي وَصْلِهَا إِلَّا جَفَاءٌ

وَلَا فِي قُرْبِهَا إِلَّا اغْتِرَابُ

 

عَذَابٌ مَا تَؤُولُ بِنَا إِلَيْهِ

وَإنْ طَابَتْ مَلَامِحُهَا الْعِذَابُ

 

سَكَنْتُ بِحَيْرَةٍ جُدْرَانَ صَمْتٍ

جُمُودًا لَا ابْتِعَادَ وَلَا اقْتِرَابُ

 

وَأَصْبَحَ كُلُّ هَمِّي أَيْنَ بَابُ

لِيَخْرُجَ مِنْهُ أَوْ يَلِجَ الْجَوَابُ.

 

 

لله أنت فتى الفتيان

د. يحيى محمد الهاشمي

 

 

 قلب الأمومة والأكباد تضطرب@

يعلو بها الموج أحيانا ويصطخب

في لجة من فيوض السيل جارفة@

كل اعتراض بوجه الماء يقترب

هناك تبرز (شبو) شامخا بطلا@

في بؤبؤ الموت طودا ليس يضطرب

لله أنت فتى الفتيان مدرسة@

للناشئين على درب الصمود أب

بينا نراقب مشدوهين شخصكم

 بين الحياة وبين الموت نكترب،

إذ جاء حبل نجاة من مصورنا@

فيه الحياة وفيه جندنا الدرب

ففرج الله كربا عم عالمنا@

أن عاد (شبو) إلينا باسما يثب...

 

 

ظلال البشر

 أحمد الوالد

 

تحيط  بك  السيول و  لا  وطاءَ
ولا فُرُشا     لديك    ولا   غطاءَ
وفاض  الماء.. لا  جبلا    فتأوي
إليه ِ ِ   لا    ولا    أملا     تراءَى
ولكنْ   في  فيوض  الله    لطف
وعطف   ما   أفاض   الله    ماءَ
عنانا  ما  عناك    وحزّ       فينا
وعانينا        لساعاتِِ        عناءَ
فخيم   في   بلاد   الضاد  حزن
وأذكت    حبها    حاءََ    و    باءَ
ودمعة  أمكِ   الوطفاءُ    فاضت
فلا    قطع  الحفيظ  لها    رجاءَ
وفاض   الدمع  من   مقلِِ  وفاءً
وقد   ملأ   الدعاء   لك   السماءَ
وقالوا:  ماتَ؛  جهلا   منهم،    لا 
لقد  كتب  الكريم    لك    البقاءَ
ولاحت   من  سماها  يابن  نوح
سفينتك   التي    رُفِعت    دعاء
وإن  هبت  رياح   اللطف   تترى
ترى الكرب  العظيم  غدا    هباءَ
وردّك   - كي تقَر العين-    من لا
يشاء    الخلق   إلا    أن    يشاءَ
ونادينا    أولي    الأمر     ابتداءََ
وقد لبى    أولو    الأمر    النداءَ
فحلقت   الصقور   إليك   فجرا
تنفسُ  في  حنادسنا       ضياءَ
تحيينا  وتحيي   الناس     طرا
وتحيي حين   أحيتك     الوفاء
ولاحت في  سماء  الحزن  تلقي
ظلال البشر   واستوت   استواءَ
وقد ألقت   "بجلُّو"   وهْوَ   نجم
هوى قمرا   وقد   سبَحَ    ابتداءَ
فأبلى في احتضان الطفل سبحا
وأحسن   في     سباحته    بلاءَ
فيا شبُّ ابن نوحِِ   نحن    شعب
يعانق   في   محبتك       الإخاءَ
بمحنتك    التي   بسطت  يديها
لتمنحنا    إلى    الحب    اهتداءَ