أحمد يورو (رحمه الله)/ محمد سالم ابن جد

 

 

عرفته قبل ما يفوق بقليل أربعين سنة شمسية (نهاية يوليو 1982) ويناهز اثنتين وأربعين سنة قمرية (شوال 1402) حينما انتدبته الإذاعة (وكنت متعاونا معها) إلى جانب الشاعر أحمدُ ولد عبد القادر (حفظه الله) لعضوية لجنة تحكيم يرأسها شيخنا العلامة محمد سالم ابن عبد الودود (رحمه الله) ولا أذكر هل تضم غير من ذكرت.

كان موضوع التحكيم الجانب الفصيح من مسابقة أدبية، وكان موضوعه مذبحة صبرا وشاتيلا، التي ارتكبها حزب الكتائب اللبناني في بيروت بحق اللاجئين الفلسطينيين بإشراف وحماية المحتلين الصهاينة. نظمت المسابقة لأجل برنامج "تفاعلي" متنوع المحتوى كان يسمى "لقاء الجمهور". وكان الفائز الأول فيها شابا إداريا يكره الأضواء يسمى محمد فال ولد عبد اللطيف لم أعرفه قبل هذه المناسبة، واستمرت علاقتي به لله الحمد؛ فقد أمضينا ساعة معا ضحى اليوم.

أما أحمد يورو المنتقل باكتتاب حديث وقتذاك من كتابة الضبط إلى القضاء فقد تنقل بين مدن جنوب البلاد وشرقها مثلما تنقلتُ أنا بين مدن الغرب والشمال، ولم أره حتى صدر سنة 2017 حين تجدد اللقاء في الاجتماعات التأسيسية لمجلس اللسان العربي، كما ضمت معنا صديقنا المحترم الشيخ محمد فال ولد عبد اللطيف وكتيبة من فرسان الضاد كنت أعرف معظمهم من قبل. التأم شمل الجميع تحت لواء اللغة العربية بقيادة الشيخ الخليل النحوي (حفظه الله).

حين تجدد اللقاء كان الشاب الغر (أعني نفسي) قد تحول إلى خمسيني، وحماسه قد خبا أو هذبته الأيام فتحول إلى تجربة وواقعية، وعاطفته قد تحولت إلى شبه تعقل.. وظللت ألقى فضيلة القاضي في أنشطة المجلس، ضمن نخبة الأعلام فرسان القلم والبيان حتى أغشت الماضي.

طالعني نعيه صباح اليوم فأسفت أسفا متعدد الجوانب: على الفقيد العزيز، وعلى شغور مقعده، وعلى ما يذكرنيه من شبابي الذي تخلى عني وأسلمني دون بسالة، وعلى أهل هذه البلاد الذين ينتقى خيارهم مأسوفا على فقدهم ويبقى غيرهم مأسوفا على وجودهم.

أعزي نفسي ومجلس اللسان العربي، وأسرة الفقيد ومعارفه وأصدقاءه. وإنا لله وإنا إليه راجعون.