قصائد في رثاء فقيد الأمة محمد المختار ولد اباه

العلامة الشيخ محمد الحسن ولد الددو في رثاء الدكتور محمد المختار ولد اباه رحمه الله:

 

 

محمد المختار رمز المعارف * و حاوي المعالي من تليد و طارف
و حائز تيجان الفتوة و العلى * و وارث أطواد العلوم الغطارف
و ريحانة الأشياخ حصن تراثهم * و مفتاح سر السر من كل عارف
له نسب في الصالحين مقدم * عريق إلى ظل من المجد وارف
تنوجل من ساداتنا الغر نجره * إلى المحصنات الصالحات العفائف
و مصقع أرباب البلاغة و اللغى * أمير القوافي و النكات الطرائف
و خدن كتاب الله فهما و خدمة * وترجمة من عاش بين المصاحف
و ناصر ما يعنيه مذهب مالك * و ناشر ما تحويه سود الصحائف
و من جاب للعلياء كل تنوفة * و ما خاب ما يرجو بجوب التنائف
و من عاش قرنا باذلا كل جهده * لجمع المعالي فائقا كل ناقف
و من دون التاريخ في ضمن رحلة * حوت أدبا راق بصدق العواطف
فأجمله جمعا و عرف بعضه * و أحسن صنعا في نطاق التعارف
يغادر دنيانا الغداة فكلنا * حزين و ما سكب العيون بواقف
فإن تحزني ذات النبوغ فكلنا * حزين و فيض الدمع تسكاب واكف
و إن تحزن البتراء فالخطب فاجع * به تكتسي الأنجاد سود المطارف
كسا الحزن منه الأرض لم يبق مشرق * و لا مغرب إلا غريق بجارف
يترجم عن حزن بقلب مفجع * و طرف قريح للمدامع ذارف
و لكننا نرضى بحكم إلهنا * و نعلم أن الله مزجي اللطائف
و أن أبانا كان يعمل جاهدا * لذا اليوم لم تغرره أعلى الوظائف
و أنا جميعا سائرون لما له * تقدمنا ما بين جار و زاحف
و في شيخنا اباه الإمام عزاؤنا * و في الأسرة الغراء نبع المعارف
و أولاده الأبرار سادة عصرهم * و في السيدات الصالحات العوارف
فهم خلف بالفتحتين مجدد * طريق الكرام الغر من كل سالف
و نسبتهم فيه استواء مؤكد * بمعنى و في المبنى بأسمى الترادف
أدام إله العرش فيهم تراثهم * و زادهم فضلا بفضل مضاعف
و لا زال في ذاك الحمى منتهى المنى * و مورد طلاب و مأمن خائف
لدى حرم تقضى به كل حاجة * لساع إلى العليا بجد و طائف
و بوأ هذا الشيخ أعلى جنانه * و نور قبرا حله في اللفائف
و لقاه روحا و ارتياحا و روضة * تحلى من الرضوان أبهى الزخارف
و نال مع الأشياخ و الآل كلهم * جوار رسول الله فوق القطائف
عليه صلاة الله تترا و آله * و أصحابه من وفقوا في المواقف.

 

الشاعر الرمز أحمدو ولد عبد القادر في رثاء العلامة الدكتور محمد المختار ولد أباه طيّب الله ثراه:

 

 رَحْمَةَ اللَّهِ رَافِقِي وأثيبي :: رائدَ العلمِ واليَراعِ الخَصيبِ
وَدَّعَ الأهْلَ مَاجِدًا عَبْقَريا :: وأريبًا يَفوقُ كُلَّ أريبِ
زَرَعَ الْعِزَّ وَالْمَعَارِفَ شَمْسًا ::: تَرْقُبُ الدَّهْرَ مَالَهَا مِنْ غُرُوبِ 
وَهُوَ مُخْتَارُنَا مُجيدُ الْمَعَانِي ::  وَالْمَبانِي مُهَذِّبُ التَّهْذِيبِ

 *
 إِيهِ شِنُقِيطُ كَيْفَ نُهْدِي التَّعَازِي :: لِبَنِي الضّادِ فِي الْفَقِيدِ الْحَبِيبِ
 مشرقا؟ مَغْرِبًا؟ وكَيْفَ نُؤَدِّي :: حَقَّ نِبْرَاسِنَا الأديـب اللبيب؟
والتعابير لَا تُلَبِّي كَمالا ::  مَطْمَعَ الْوَصْفِ فِي الْعَظِيمِ المَهيب

 *
 حَيِّ بَيْتَ الْكِرَامِ مِنْ أَنْجَبُوهُ ::  فَقَضَى الْعُمْرَ فِي الْمَسَارِ الْعَجِيبِ 

 آلَ أباهَ مَعْلَمٌ زُحَلِيٌّ :: وَمَنَارٌ يُضِيءُ كُلَّ الدُّرُوبِ 
حفظ اللهُ عِزَّهُمْ وَرَعَاهُمْ ::  قلُعَةً لِلْهُدَى الْعَمِيمِ الرَّحِيبِ.

 

 

الدكتور محمد الأمين السملالي
بسم الله الرحمن الرحيم
في رثاء فقيد الأمة، تاج العلم والأدب، ذي الوزارتين والكفايتين، المغفور له بإذن الله، الدكتور محمد المختار ولد ابّاه

 

نَعَتْك الدُّنا إذ كنتَ حقًّا وحيدَها
وفيك بَكتْ أسْتاذَها وعميدَها

وغَصَّت بها الآفاقُ في الأرض والفَضا
تُشَيِّعُ مِنْ شُهْب المعالي فريدَها

تُردِّدُ حُسْنَ الذّكرِ عنكَ جُموعُها
وتَدعوكَ مُخْتارَ الخصالِ حَميدَها

خِصالٌ لأحمدْ بيبَ كان اكتمالُها
وفيك وفي الأهلينَ أبْقى مَديدَها

أولئك نِبراسُ البلاد وتاجُها
نوابغُها مَن قَلّدوا المجدَ جيدَها

لئن رَحَلتْ منكَ ابتسامَةُ ماجدٍ
تَسنّمَ من كل المَعالي مَجيدَها

وعاشَ لدين الله يُعلي مَناره
ويَرفعُ مِن صَرحِ العُلوم مَشيدَها

فما رَحَلَتْ أنوارُ عِلم بثَثْتَها
ولا آبداتٌ قد قَنَصْتَ شَريدَها

مَعالمُ قُرّاءٍ وذِكرى تَصَوُّفٍ
ومُختارُ أشعارٍ نَظَمْتَ بَديدَها

وآياتُ قُرآنٍ تَلتْها أعاجمٌ
بِفضلِكَ تُحيي بالمعاني وئيدَها

إلى غَير ذا مِمّا نسَجتَ مُحرِّرًا
بِبحثٍ وما أبدعت شِعرًا قصيدَها

إلى رحمةِ الرحمن فارْحَلْ مُشَيَّعًا
بأَفئِدَةٍ يُشجي الدعاءُ عميدَها

ولا زال في الآلِ الكِرامِ بَقِيَّةٌ
يُبارِكُ ربّي سَعْدَها وسعيدَها

وأما عزاءُ الشيخِ فهْوَ لِأُمّةٍ
به فَقدَتْ مُختارَها ومُفيدَها

ولِلعلم والآدابِ والفِكرِ والنُّهى
وطارفِ أخلاق يُحاكي تليدَها

على المُصطفى المختار في كُلِّ موقِفٍ
صلاةٌ وتسليم يباري جديدَها

وللآل والصحب الكرام ومن تلا
هُداهُم يُرَجّي في الجِنان مَزيدَها

د. محمد الأمين السملالي

 

 

السيد بن لمرابط بن الطلبه يرثي سيدنا و والدنا محمد المختار بن اباه همتْ على ثراه شآبيب الرضا :

 

حَنانَيكَ قد أورَيتَ يا قادح الزَّندِ
وأصمَيتَ عن قوس ؛ وأدمَيتَ عن حَدِّ

حَنانَيكَ ؛ كم قلبٍ جَرَحتَ ؛ وكم حشا
قَرَحتَ ؛ وكم عينٍ أذقتَ ضَنا السُّهدِ

أسيدَنا المختارَ تَنعي محمدا ؟
كأنك تُلقيها على حجر صَلد

رميتَ بسهم طَبَّقَ الغربَ وقعُه
وشَرَّقَ يَطوي الأرضَ غَورا إلى نجد

أصيبت به ذاتُ النبوغ ومَن بها
وما حوت البتراءُ من نجد اَو وهد

وما مِن تِلالٍ بالعُجَيماء والسَّنا
وزمزمَ حلّاهن في سالف العهد

وما مِن ربوع هاهناك وههنا
جرى بينها طَلقَ الجِماح مع المجد

على أنه رُزءٌ لشنقيطَ كلها
وذو القرب منها حالُه حالُ ذي البعد

وفي المغرب الأقصى الرباطُ مفَجَّعٌ
يسائل فاسا: أين وجدكِ من وجدي ؟

وفي عالم الإسلام شرقا ومغربا
بواكٍ خضيباتُ الأنامل بالخد

هو الموتُ ؛ ما انفكت طوارقُ جيشه
تغاورُنا بالخيل والرَّجل والجند

فما تركت يوما خباء مُمنَّعا
بسُكانه الخُلصانِ منتظمَ العِقد

وتَخدعُنا عنه الأمانيُّ ضَلّةً
ووعدُ الأماني بالبقا أكذبُ الوعد

أيا معمل الوجناء في غَسَق الدجى
إلى نُزُل الإكرام في جنة الخلد

ألا عوجةٌ قبل الفراق لعلها
على مُهَج الأرواح من حره تُعدي ؟

ألا وقفةٌ من قبل زَمِّ ركائب
ليُبديَ فيها المرءُ ما لم يكن يبدي ؟

يبُثُّكَ حبا كنت تأبى حديثَه
حياءً ؛ وتُولي ذكرَه جانبَ الصَّدّ

سقى الله عمرا قد ملأتَ عيابَه
فواضلَ زادا للمعاد وللّحد

حملتَ به أعباءَ ماضٍ وحاضر
وزاوجتَ بين المجد والحَسَب العِدّ

ولم تَشهد الأنداءُ مثلَكَ حاذقا
يُؤلِّفُ بين الضد ما شاء والضدّ

فذاك لسانُ الروم بَذَّ فِصاحَهم
وهذا لسان العُرب عهدَ بني سعد

وهاتيك أنداءُ الملوك بصدرها
تحل ؛ وأنت الصدر في مجلس الزهد

وإن ينعقد نادي العلوم تكن به
سراجا إلى فهم ومعرفة يهدي

ويا رُبّ ذي فن بذَذتَ بفنه
وقد كان في المضمار فردا بلا نٍدِّ

وتَلقى بخفض للجناح مُجالِسا
فيُفصِحُ من قد كاد من هيبة يُكدي

وتستُرُ خلف الصمت ما ليس خافيا
-بأستاره- إلا عن الأعين الرُّمد

وسيرتُك الغراءُ كم أكسبَت أخا
دواما على عهد ؛ وبُقيا على ودّ

وكم علّمَته عِفّةً وقَناعةً
وإخلاصَ أعمال لبارئه الفرد

وأعمالُك الحسنى مطايا ركبتَها
لأُخراك ؛ دأبا غيرَ وانية تَخدي

فكم أثلجَت صدرا ؛ وكم أبردَت حشا
صنائعُ تُسديها ألذُّ من الشُّهد

وحسبُ الذي تُسدَى إليه خُطورُه
ببالكَ ؛ مكسُوًّا به سابغَ البُرد

وآثارُك الغَرّاءُ في العلم زينة
كآثار غَيداق الحَيا في الرُّبا الجُرد

حديثٌ وتاريخٌِ ونحوٌ وصَرفُه
وفقهٌ ؛ فكم أبقيتَ خَلفكَ مِن رِفد

وكان كتابُ الله غايتَك التي
إلى نورها تَعشو فتَهدي وتَستهدي

وراحتَك الكبرى ؛ وأُنسَكَ في الدُّنا
وذُخرَك للجُلّى وللحادث الإدّ

عليكَ سلامٌ ؛ إنه عاق منطقي
-وإن لذّ منك الذكرُ لي- ألمُ الفقد

على أنني لله جَلَّ مسَلّم
وليس لعبد أن يُسَلمَ مِن بُدّ

وفي السادة الأبناء بعدك نجتلي
سَنا عهدكَ الأرضى وطالعِك السّعد

فلا زال هذا البيتُ بُغيةَ قاصد
ومطمحَ ذي حاج ؛ ومشربَ ذي وِرد

ولا زال فينا ذلك المنظرُ الذي
به نتقي بأسا من النُّوَب الرُّبد

يروح علينا في أمان ويغتدي
ونحن ندامى خمرة الشكر والحمد

وأزكى صلاة الله ثم سلامه
على الخاتم المُسرى به المرسَل العبد.

 

محمد عبد الله بن البوصيري 
يرثي العلامة والشيخ الجليل محمد المختار بن اباه

 مضى لجنان الخُلْــــــد حَبْرًا "محمّدا"     لدى الناس "مختــار" الخصال ممجــدا
مضى فكـــــأن الكــون أظلم حســـرةً       وأنَّ  حزين الدهر ثــــم  تنهــــدا
وناح الصــدى في كل قطــر بلهفــــة      أساها مدى الأيام يرجعـــــه الصــدى
منـــارة شنقيــطٍ تداعــــــــت لفقــــده       وبحـــر علــــوم الدين حُزنــا تجمـــدا 
وتلك عيون الشعر غاضت تفجُّعـــــا      بِ"باب" الذي حـــاز المكــــارم أمردا
وضاقت رحاب الأرض بالناس كلهم      فمـــــا يستطيـــــع الجَـــلْدُ منا تجلُّــــدا
كان المدى يدنو من الأفق نحونــــــا،      يضيــق علينا من مًواجِعِــــه المـــدى
مضى وخيـار النـــــاس تُقســــم أنــه     لَأوسعهـــــم علمــــا وأنفعهـــم جَـــــدَا 
وأظهرهم نـــدًى   وأطهـــرهم يــــدًا     وأجودهم سَـــــدًى وأقومهـــم هُـــــدى 
ترقّى مقامـــات المحامـــــــد ناشئـــا     وعاش عليهـــــــا ناصحـــــــا ومجـدِّدا 
علا شُرفات الغيم ساطــعُ نجمــــــه       يضـيء المتاهات انتهــــــاء  ومبتـــدا   
بنور تسامــت في الثقافـــــة عينُــــه       فكانت لأهــــل العلـــــم مثوى وموردا 
له صولـــــة في كل فـن وجولـــــــة      فما  كـــان إلا  العالـــــم  المتفـــــــردا
على وجنة التاريخ سَجّل بِاسْمِــــــه       إمـاما بمكنــــــون المعــــارف مفـــردا 
يُرَمَّم مــــن رأب المعارف ما انثأى       يـــــــدرس أجيـــــالا  ويبني معاهـــدا 
يصنف في كل الفنـــــون على هدًى      يرتـــــــل  قرآنا ويعمُــــــر مسجــــــدا
وَكـانَ إِذا الحاجــاتُ عَزَّ قَضـــاؤها       جزيــــلَ عطـــــاءٍ لا َيواسي لِيُحْمَــــدَا
يسيــــل على الأوجاع ينبوعَ رحمة      إذا الضّيـــم رام النــــــاس يوما وشــددا
تغمده الرحمن من فيض فضلـــــــه       فسيــــحَ جنــانٍ لا تـــــــزول وأزْيـَـــدا
أأشياخنـــا الغـــــر الكـــرام تجلــدوا      فكـــــم  حائر منــــا بنجمكــــم اهتـدى 
ويا أيها الأخلاف نسلو بصبركـــــم  
    فقد طبتمُ  نفســـــا وعلمـــــا وَمَحْتِــــدَا
 وصل إله العرش  مسيــــا وبكــرة       وسلــــم على الهادي المشفـــع سرمدا.

 

الشيخ محمد بن بتار بن الطلبة في رثاء محمد المختار ولد اباه رضي الله عنه وأرضاه

شذى الرَّوْح والريحان هبَّتْ نواشره
وجاءت بمحبوب اللقاء بشائره

وما هو إلا الشوق والفوز والرضا
يرفرف بين الأمن واليمن طائره

ودعوة ذي زلفى لمقعدِ صدقِه
وحسنُ مآب لا تضيق مصادره

ومَعدِن خُلْدٍ لم تَنَلْ قدرَه الدُّنا
فرُدَّت لأصداف الخلود جواهره

هي الشمس تجتاز البروج ونورها
مقيم بأرجاء المجرة سائره

فما لفضاء الخافقين معضَلا
بِرَجْع نحيب لم تُطقه حناجره

وما لي أرى بالمغربين "مُتمِّما"
تطارحه بالمشرقين "تُماضره"

فهل زايل الأكوان إكسيرُ حسنها
وصاحت بمحذور الزمان كواسره؟

أجل ! إنه يوم من الدهر لم تزل
قلوب الورى من كل فَج تحاذره

يُفَدُّون مختار الرجال بأنفس
وبرجون أن تبقى زمانا مظاهره

ولا حول من عبد ولا قوة ولا
مَردَّ لمأمور تدور دوائره

قضت أننا لله والحكم حكمه 
وأنا إليه راجعون مقادره

وصرف الليالي للكريم بمرصد
يخاتله طورا وطورا يجاهره

لكِ الله من نفس مضت مطمئنة
إلى ربها والليل داجٍ عساكره

فمنتجَع العلياء بيضٌ تِلاعُه
وإنسان عين المجد سودٌ مناظره

وذا وطن تَذوي غضارة وجهه
مدارسه تبكي وتبكي منابره

وتلك نوادي العالَمَيْن نوادبا
تطارح ذا البثِّ الأسى وتشاطره

أمرَّ حلاواتِ الزمان مسيره
وكانت به من قبل تحلو مرائره

به أمة الإسلام قد فقدت أبا
ممهَّدةً أسبابه وأواصره

بما وصلت من كل بِر صِلاته
وما سطَّرت أقلامه ومحابرُه

فمن جاهل يروى العلوم وذي دَوى
يُطبُّ ومسكين تسد مفاقره

يذكِّر بالخُلْق العظيم تواضُعًا
ورِفْقًا وحلما لا تطيشُ بوادره

سريرته التقوى وعادته الوفا
وكم حُمِدتْ عاداته وسرائره

خديم كتاب الله معنى ومقرأ
وناهيه سلطان عليه وآمره

مدى عمره ذكر وعلم وسنة
وأوله أم الكتاب وآخره

وحب النبي الهاشمي وآله
شعار له لا تستباح شعائره

له من تراث العلم بالله خشية
وللعلم نور لا تكل بصائره

ومن خشي الرحمن بالغيب آمن
إذا ازدان من كحل الشهادة ناظره

ويا رحمتا للشعر إن مجاله
فسيح ولكنْ صدَّهُ منه حاصِرُه

يَعِنُّ له هولُ المقام فينثني
فتغري به آثاره ومآثره

رعى الله عيشا روِّضت نسماته
ورقَّتْ حواشيه وراقت محاضره

أتاحت به أيامنا الغر نهزةً
وباحت بمكنون الصفاء ضمائره

ألفنا به أكناف أُنس وحكمة
ورفَّت علينا من نداه أزاهره 

فيا رحمة الرحمن أمي جنابه
وجودي بغيث تستهل مواطره

أقيمي بجرعاء المليحة واسكبي
بحوض هناء ليس يظمأ صادره

أسادتنا أبناء بيت توارثت
أصاغره كنز العلا وأكابره

عزاء ففي باقي الزمان لنا المنى
وإن ساء ماضيه فقد سر حاضره

وإنا وإن عم المصاب عزاؤنا
تعم جميع المسلمين جوابره

فلا زال يحلى منه مرأى ومسمع
تغيث قلوب المسنتين بواكره

صلاة على المختار ما عم نفعه
وما نال ذكر الله من هو ذاكره.