العلام الشيخ د  الخليل النحوي في رثاء فقيد الأمة محمد المختار ولد اباه .."تَعَزَّ بربِّ الكائنات"

 

في  رثاء فقيد الوطن والأمة  الشيخ الدكتور محمد المختار اباه أكرم الله نزله وأحسن مثواه 

إذا أنتَ لم تُعرب جواك فأعجم :: وإن أنتَ لم تَسطعْ بيانا فجمجم 
وإن رمت إقداما وعَزَكَ دركُه :: - كما أنت في هذا المقام - فأحجم 
رويدك بعضَ الصبر! ما لك واجما :: ورُبَّ مَقامس فيه لم تتلعثم
 رويدك، قل لي أين قُوَّتُكَ التي ::  عَهِدْتَ ؟ وما سِرُّ الشرود المخيم؟ 
 كـأنك لم تُرزأ مِن الناس غاليا :: عزيزا ولم تَجْرَعُ مَرَارَةَ مَأتم 
كأنك قبل اليوم لم ترَ راحلا، :: كأنك لم تَعْلَمْ وَلَمْ تَتَعَلَّم 
بَدائِهَ لا تحتاج منك تأملا :: ولست بها في حاجة لمترجم
ألم ترَ أن الشمس غِبَّ ائتلاقها ::  تَغُور بساج سابغ الذيل مُعْتِم
ألم ترَ أن البدرَ بعد تمامه :: وتَطوافِه في الأفقِ يغدو كأن لم

نعم لك كل العذر في فيض عبرة :: وفي زفرة المستوحش المتألم
فما كلُّ رَزْء مثل رزئك، إنه ::  متى تتعاظم هَجَمةُ الفَقَد يَعْظُم
لقد كان هذا الراحل الفذ أمةً ::  وإن كان فردا جوهرا لم يقسم
 لقد كان ميقاتَا لكل فضيلة ::  (وما هو عنه بالحديث المرجّم)
لقد كان سفرا للشمائل جامعا ::  تلافيف ألوان الفخار المسوم 
فلا تتجشم حصرها إن حصرها :: عسير على ذي المِرّة المُتجَشِم 
صحائف في سفر الخلود إذا الفتى :: ترحل لمْ تَرْحَل ولم تَتَخَرَم 
سقاها فغنى المجد بين سطورها :: ولو شاء نادى: يا جبالُ ترنمي
ولو قسمت في الناس لوعةُ بينه ::  لما فات منها مسلما عبء مَغْرَم 
(ولو يستطيع المسلمون تقسموا :: له الشطر من أعمارهم غيرَ نُدّمِ)

وهَبكَ نزفتَ الدمع بحرا غطمطما :: على إثر بحر كوثريٍ غطمطم
 فأي عزاء ليت شعري تناله :: ولو سِيطَ هذا الدمع باللحم والدم؟
 وأي قضاء - يا تُرى  سترده :: ولو صلت في الدنيا بجيش عرمرم
فكن شاكرا لا باكي العين شاكيا :: وسَلَّمَ لربّ الناس تَسْلَمَ وتَغْنَم
ولُذْ إن تشأ بالصمت، فالصمتُ جُنَّةٌ :: من العِيِّ عند الناطق المتكلم
وحسبك لما غاب (بابا) احتسابه ::   فكم مَغْرَمٍ أضحى به مَحْضَ مَغْنَم
تَعَزَّ بربِّ الكائنات مُقِيتِها :: وأكرم به ربًا وأنْعِمْ وأعظم
وشاهد من آلاء الكريم شواهدا :: بأنعمه اللائي احْتَفَفْن بأنعم
لك الحمد يا مولاي أن زِنتنا به :: كما زنتَ أجواز السماء بأنجم
وحمدا لك اللهم أنَّ لنا هنا ::  خلائفَ منه كالوشاح المُنظم
إلى كل خير سابقوا فتقدموا ::  كذاك يكون (الفضل للمتقدم) 
رعى الله مولانا الإمام الذي به :: يباهي المباهي مُقْدِمًا غير مُحْجِم
فلا زال حليا للتراقي وحُلَةً ::  وبذلا لماعونٍ وزادا لمسلم 
ولا زال قوتا للقلوب سقاية :: لظمآنَ أو رِفدًا بأطيب مطعم
 ولا زال حِرْزًا للأماني وبُغْيةً ::  بنيلٍ لسُول أو برشق بأسهم
 فيا رب متعنا به في سلامة ::  فإنا متى يَسْلَمَ من الداء نَسْلَم 
 وأبقِ من المختار فينا بقيةً :: إلى المجد تُنمى، بل لها المجد ينتمي
بنين على نهج الأبين، وبينهم ::  بنات على النهج السديد المُقَوم 
لُبابُ لُبابِ الدوحتين إذا انتموا :: إلى آل بابا أو لآلِ ابنِ عَبدَمِ 
هم سبقوا في شأو كل فضيلة :: وما غادروا في البر مِن مُتَرَدَم
 ويا رب هذا ضيفك اليوم نازلا ::  بباب كريم واسع الرفْدِ مُنْعِم
 فكنْ خَلَفًا فيه ومنه، وأولِه ::  رضاك وأكرم نزله رَبِّ، وارحم
و یا دارة أمست به اليوم روضة :: (ألا يا اسلمي ثم اسلمي ثمت اسلمي)
ويا حي يا قيوم أحيِ قلوبَنا :: بحب النبي الهاشمي المكرم
وأصلح به أحوالنا ومآلنا :: وصل على ذاك الجنابِ وسَلّم