السنغال تطلق ملتقاها للشعر العربي في نسخته الثانية

 

المصدر: صحيفة "رفي دكار":

 

برعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة، وبإشراف من دائرة الثقافة بالشارقة، بواسطة الأستاذ محمد الهادي صال، وبتعاون مع نادي السنغال الأدبي، انطلقت فعاليات الملتقى صباح السبت 22 يوليو بقاعة رزدانس الشيخ الحاج عباس صال، بحضور ثلة من الدبلوماسيين والوجهاء، السيد أشرف البلوشي ممثل سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة بالسنغال ، والدكتور أسعد السحمراني أستاذ كرسي بجامعة بيروت لبنان، والدكتور نبيل البابا من دار الفكر بلبنان ، والدكتور محمد حسني عمران رئيس بعثة الأزهر الشريف بالسنغال، والأستاذ فتحي عيد محمد مدير مكتب الندوة العالمية للشباب الإسلامي بالسنغال، والدكتور محمد سعيد باه الكاتب والباحث السنغالي المعروف ، والشاعر الدكتور عيسى سيك ، والدكتور محمد المختار جيي مدير جامعة منسيوتا الأمريكية فرع السنغال، والدكتور عبد الله لام أمير جماعة عباد الرحمن. وغيرهم من الشخصيات المهتمة بالأدب والعلم والثقافة.

 

 

 

 

وبتقديم أستاذ الأجيال عبد الكريم غاي، افتتحت الجلسة الصباحية بآيات من الذكر الحكيم، تلاها على الحضور محمد سور. خريج كلية القرآن والدراسات الإسلامية بالجامعة القاسمية، ثم ابتدرت الكلمات بالأستاذ محمد الهادي صال، مبينا هدف هذه الملتقيات التي تقيمها الشارقة في الدول الإفريقية، وخاصة السنغال، مقدما الشكر الجزيل لإدارة شؤون الثقافة بدائرة الثقافة بالشارقة، مبتدئا شكره بأبي الثقافة والعلم، حامي الضاد وراعيها-على حد تعبيره-على جهوده المتواصلة في نشر الوعي والثقافة والفكر، وقد زين كلمته بهذه الأبيات التي خصها لحاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي قائلا:
يَا فَجْرَ شَارِقَةٍ أَشْرَقْتَ مِنْ كَرَمٍ
فَجَّرْتَ يَنْبُوعَ أَقْلَامٍ وَأَفْكَارٍ
ثَقَّفْتَ فَتَّقْتَ بَلْ كَوَّنْتَ فِي مَهَلٍ
شَعْباً نُهًى أُمَّةً تَزْهُو بِأَخْيَارِ
تَرَكْتَ فِي سَاحَةِ الإِبْدَاعِ بَصْمَتَكُمْ
وَخَلَّدَتْكَ يَدُ الإِنْصَافِ وَالْبَارِي
, ثم شكر نادي السنغال الأدبي على التنظيم ،وكل من أسهم وساعد في نجاح الملتقى، وبعده سعت الكلمة إلى أرباب البيان، وسدنة المعاني، أصحاب الكلمة والحرف الشعراء، فابتدرت القراءات بقراءة الشاعر المهموم المسكون بحب النبي-صلى الله عليه وسلم-مالك امباي، ومما قرأ:
بدر الدجى لاح أم سلمى قد ابتسمت *
عن نرجس فهي ذات المجد والكرم
ذات الحياء وذات الدين يعجبني *
هدوءها من كلام وهي لم تُلم *
ميمُُ وحاء وميمُُ بعد يتبعها *
دالُُ رسول نبيّ طيّب الكلم

 

 

 

 

وكان ثاني فرسان الأصبوحة الشعرية الشاعر إبراهيم سيدي الفلدي الذي أتحف الجمهور بحروفه، وبتطوافه على ربوع السنغال ورموزها، وقد قرأ أحد الحضور نيابة عنه، ومن جميل ما قرأه قوله:
يا ساكن النّفس دعني أقتبس لغة
ودلّني النهج في الأشعار والجهة
ولتُسق للقلم الظمآن حكمته
كي يبهر الغيم فئ الآفاق والشّفة
ولقّن الشعر إبداعًا سيوصله
في حضرة النّاي
يحظى منك أغنية
……………
وثلَّث القراءة الشاعر العباسي أحمد صال الملقب بالمثقف، والذي يمتاز شعره بالحب والوطنية الصادقة، والمعاني الرقيقة، وكان مما قرأ على المنصة:
من لي بأقدام السّليك مطيّا ؟
من حيث ذئب الغاب يعطي الرّأيا
من لي بطامور بعذرة مريم ؟
فعسى قميص الشعر يبصر عميا
من لي بأمّ لا تجور على ابنها ؟
إذ أمّهات الجيل أكثر بغيا
………………………

 

 

 

 

وكان رابع شعراء الأصبوحة أمير الشعراء إبراهيم توري، وقد قرأ نيابة عنه الأخ الإعلامي القدير منصور تنجغور، ومن جميل ما قرأه من شعره قوله:
اخضرار اللون كان رمادا
لم يتخذ إلا الظلال بلادا
شبحا أتى عرس الخيال كما أتى
في مهرجان الضوء غير منادى
……..
أما خامس فرسان الأصبوحة فكان الشاعر إبراهيم سيسي الذي بكى وأبكى الجمهور برائيته النبوية الراقية التي تفوح رقة وجمالا، يقول:
أمين الله ما أعلاك فضلا
وصفوة قلبك الغالي منارُ
فأنت الفرد قبلا ثم بعدا
ومثلك يؤتّيه الخيار
………………………….

 

 

 

وبعد القراءات الشعرية، استراح الجمهور بمحاضرة علمية أدبية بعنوان: (الأدب العربي السنغالي بين الماضي والحاضر)، قدمها كل من الدكتور محمد نيانغ، متخصص في الأدب والنقد، والدكتور تياروي غاي باحث في سلك الدكتوراه في الأدب والنقد، وقد تناول الدكتور محمد الأدب العربي السنغالي القديم، معرجا على التعريف به، ونشأته، ومصادره، واتجاهاته، وجوانب التقليد والتجديد فيها، مع ملاحظات نقدية، أما تياري فقد تناول العصر الحاضر، وحاول تقسيمه إلى طورين، وذكر بوادر الدعوة إلى التحديث، ونماذج منها، كما وقف على بعض الشعراء الشباب مقدما معطيات مهمة حول هذا الأدب. ثم رفعت الجلسة الصباحية بعد مداخلات وكلمات من الجمهور. إلى الصلاة وتناول وجبة الغداء
وقد تجدد النشاط الشعري، والحضوري، في المساء فاستمرت القراءات الشعرية بأصوات أُخر متباينة، وكان الشاعر بابا آمد فال من ابتدر القراءات المسائية، ويعد من أوائل من كتب الشعر الحداثي في السنغال ومن الذين يرتادون البحور القصار، وكان مما قرأ:

 

 

 

 

طال ليلي هل صباح
ها هنا خلف الضباب
يا ليالي النحس بيني
وانزعي عني الحجاب
وارحمي قلبا تعرّى
ما به إلا الرّهاب
………
وأعقبه الشاعر الكبير أحمد جختي الذي انتهج منهج جده العلامة القاضي مجخت كل في قرض الشعر وحفظه، وأتحف الجمهور بقصيدة عن اللغة العربية، وأخرى عن الغزل، قائلا:
لغة إذا ما أحكمت أصواتها
تركت صدى في القلب كالنشوان
يمتاحها أهل النهى لما أتت
تزري حياكتها عقود جمان
لغة حباها الله فضلا راسخا
في عالم الأرواح والأبدان
…………
وتلاه الشاعر الطوبوي شيخ جاه، الذي تسربل بردة الحب الفضفاضة، وتاه في خميلته الواسعة فخرج شاعرا غزليا، وقد قرأ على الجمهور بائيته القصيرة، وقافية عن الحب قائلا :
رفقا عليّ ! قد اخترقت جوانحي
كالشّهم من متقنّص مقذوفا
فالقلب منبطح أمامكِ عاجزا
فلقد هزّمت وما حملتِ سيوفا
فلقد شغلتِ خواطري وجعلتني
عما سواك محوّلا مصروفا
……..

 

 

 

 

 

وتلاه الشاعر الرمزي شيخ تجان امبوج، الذي يتمازل شعره بالنزعة الصوفية في خيالاته واتبهالاته، كما يمتاز بالمسحة الفلسفية حينا، وقد قرأ نيابة عنه الشاعر الإعلامي عبد الأحد الكجوري قصيدة جاءت هذه الأبيات:
أراك بعين الشوق بدرا مجلّلا
يطوّق أسوار الدجى قلتُ: أنعته
وأطلقت أسراب المجازات لم تصل
إلى حيث لم تفتح لغيرك سدرته

………………….
وقد ختم القراءات الشعرية أمير البيان الشاعر حماه الله صو، فكان مسك الختام، وامتاز شعره بالرقة، وعمق الطرح والمعنى، ومما قرأ على الحضور:
تقمصني جلالك منذ دهر
فصرتُ أراك في الخلجات بدرا
على عتبات قدسك تِهتُ صبّا
يجاذبني الهوى مدّا وجزرا
سأغرق في مجازك كل معنى
لعلّي في مداك أفيض شعرا
………………..

 

 

 

 

ثم ختم الملتقى بكلمات من رئيس البعثة الأزهرية في السنغال الدكتور محمد حسني عمران، والأستاذ فاضل غي رئيس نادي السنغال الأدبي، ثم وزعت الجوائز على الشعراء والمشاركين في الملتقى. فأسدل الستار على الملتقى ليرفع عنه في العام القادم بإذن الله، وافترق الناس وكل يقول: جزى الله الشارقة وحاكمها خير الجزاء، وأطال عمره في خدمة العلم والأدب والثقافة.