محمود صالح والموسوي وبيروتية.. أنشدو للحنين في بيت الشعر

 ضمن فعاليات منتدى الثلاثاء، نظم بيت الشعر بدائرة الثقافة في الشارقة أمسية شعرية يوم الثلاثاء الموافق 8 أغسطس 2023، حضرها جمهورٌ لافت امتلئت به قاعة منتدى الثلاثاء، شارك فيها الشعراء محمود صالح من فلسطين، وساجدة الموسوي من العراق، ومصعب بيروتية من سوريا، بحضور الشاعر محمد عبدالله البريكي مدير بيت الشعر، وقدمها الإعلامي لؤي شانا الذي تحدث عن دور بيت الشعر بدائرة الثقافة في استقطاب الشعراء، والاحتفاء بهم من خلال إقامة أمسيات شعرية مميزة تحظى بحضور دائم من قبل المثقفين ومحبي الشعر، في ظل الدعم اللا محدود من قبل صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الذي تمثل مبادراته الثقافية مرتكزات مهمة في المشهد الإبداعي.
 وقد عبر الشعراء في قصائدهم عن تجاربهم الحياتية، ورسموا بدقة من خلال كلماتهم المشوقة حالات مفعمة بالمحبة، وجذبوا الجمهور بتقديم نماذجهم الشعرية التي تلتحم بالواقع، وتصور معاناتهم الإنسانية، وتبوح بسيرهم الشخصية ودى حنينهم للأوطان، ومن ثم تذكر الأهل والديار بشكل جمالي.
  
في بداية الأمسية  قرأ الشاعر مصعب بيروتية  قصيدة  بعنوان " أراوغ ظلي" وهي من ديوانه الذي حمل عنوان القصيدة، وحلق فيها بهمه الإنساني المشترك الذي بدأ بكلمة "كنا" وهي دلالة ترتكز على الإنسانية التي تجمعه بغيره، ومنها:
أراوغُ الظلَّ وحدي قربَ مملكةٍ
من الخيالِ وأوهامي التي تفدُ

تركتهم وزهوراً كنتُ أقطفُها
وغيمةٌ ملؤُها الأفراحُ والكمدُ

ريحٌ وظلٌّ وشمسٌ والظلامُ رؤىً
كلُّ العناصرِ في الأحلامِ تتّحِدُ 

ثم قرأ قصيدة "من شُرفَةٍ في الرّوح" التي يخاطب فيها  ابنه "يوسف" برمزية عالية ما يجعل القصيدة مفتوحة على نظم إبداعية حميمية فيقول:

من شُرفةٍ في الرّوحِ يُشرِقُ  " يوسُــفُ " 
ويطلُّ شمساً في الفؤادِ و يُشرِفُ  

يا قطرةً من غَيْمِ جدّكَ  كم هطلْــ
ــتَ على بساتيني ندىً لا ينشَفُ 

و بكلِّ هذا الحُزنِ ..  لا أهتمُّ حيــ
ـــنَ أراكَ مبتسماً ... و لا أتأسّفُ .. 

تكفي عُـيونُـكَ كي أسيلَ جداولاً ... 
نحوَ الحياةِ .. أذوبُ ... أُنثرُ .. أُذرَفُ

ثم قرأ من قصيدة " في الحالتين  "  التي تحفل بمخاطبة الذات، ويجسد فيها رحى الحياة ومشقتها، ويستشرف فيها الغد بنزعة إنسانية متلاحمة .
 
 وقرأت الشاعرة ساجدة الموسوي  قصيدة " رسالة إلى أبي" التي تبوح من خلالها بمشاعرها النبيلة تجاه دولة الإمارات، وهي تسجل لأبيها اعترافاً بمدى سعادتها بالإقامة في بلد شقيق يمنحها دفء الحرية والامن والطمأنينة فتقول:
لا تقلقْ يا أبتي/ فأنا في أحسنِ حالاتي
في وطنٍ أجملُ ما فيه مروءته ..
وعيون الناسِ تذوب حياءً من فرط تأدّبهِم
يبنونَ بصمتِ ملائكةٍ للحاضرِ والآتي

ثم قرأت قصيدة أخرى حملت عنوان" صمت" التي تجسد نموذجها الإنساني بصفاء غامر أمام تحولات الزمن، بتمثيلات جمالية تعبر عن حيوتيها في كتابة قصائد شعرية مسكونة بمداد الروح:
وبعضُ السّكوتِ رضا
وبعضُ السّكوت احتجاجْ
بعضهُ  كظمُ غيظ 
بعضهُ ندمٌ
بعضهُ نَعَمٌ واقترابْ
بعضهُ غرقٌ في أتون الخيالْ
بعضهُ سفرٌ فوق متن السّحابْ

واختتم القراءات الشاعر محمود صالح وقرأ قصيدة بعنوان "عرشُ الأُرجوان "التي يحاول فيها أن يرصد حالة مشوقة لمحبوبته التي ينسج من أجلها صوراً خيالية برمزية عالية، تحفل بتراكيب فواحة بالندى فيقول: 

لـلـعُــمـــر وردتُـــــهُ وكـــيــــفَ يـضــمُّـــهـــا      
نـهـــرٌ تُــواعـــدُهُ الـضِّـــفــافُ وتُـخـلِـــفُ؟

مــرَّتْ بـنــا صــوبَ الـــحُـــقـولِ حِـكــايـــــةٌ      
للصَّبـر من غُصـن الـصَّـبــابــةِ تُـقـطَـــفُ

كُــنَّــا عـلى ضــوءِ الـعِــطــاش فـــراشــــةً      
تـشـــــدو بــيــنـبـــوع الـظِّـــلال وتــعــــزِفُ

خُـضْـنـــا فُـتــوحـــــاتِ الـوصـــالِ كــأنَّـمـــا
عــيـنـــاكِ فــاتـــحــةٌ وفــوحُـــكِ يُـــوسُـــفُ

ثم ألقى نصاً أخر بعنوان "وحدَكِ .. قلبُ القصيدة "التي يخاطب فيها أمه، ويرصد لقطات معبرة تشكل دلالات لمشاهد حية من الذاكرة برهافة وجمال:

أمّــاهُ يــــــا قــلـبــي عـلـى الأوراقِ
يــا حـرفـيَ الـمـذبوح بـالأشـــواقِ

خـبّـأتُ رائحــــة الــبـــلاد بـشَـعــرها
ونثـرتُ قـمح الـوعـد في الأحـداقِ

ولمستُ محـرابَ الـصلاة بـوجهـها
وحـضنـتُ فـي يـدها رُبًا وســــواقِ

كم هدْهدتْ عمري ضفائرُ طهرها
وبـشالـها كـم ضـــوّعتْ أعـمــاقـي
 

  وفي الختام كرّم الشاعر محمد البريكي، شعراء الأمسية ومقدمها.