مساجلة جديدة بين إسماعيل محمد يحظيه وأحمد الوالد
دون أحمد الوالد:
خاطبني أخي وصديقي إسماعيل محمد يحظه قائلا:
أيا أحمد الحُمَّاد لله وحده
و يا صفوة الأحباب من آل حبيني
أكن لك التقدير في القلب مخلصا
وهل للفتى في جوفه ملك قلبين
خبرتك بين القوم مذ كنت يافعا
صبور ا جليل الشأن مغوار شأوين
وعاليت أقران الفتوة مقرنا
كما كان ذو القرنين يزهو بقرنين
وألقى بك التسيار في قعر حفرة
أبى الله إلا أن تفوز بعمرين
فمن ذا رأى الغور التهامي غائرا
ومن ذا رأى في غاره ثانِيَ اثنين
وفي الشاطئ الغربي أمر مدبر
فأوفيت فيه الكيل مدا بمدين
وأردفت أمرا ثانيا بعد هدأة
فأسقيت في الأمرين كأس الأمرين
وأقدمتَ إذ ضاق اتحاد بأهله
فلم تأل حتى جئتهم باتحادين
فأبديت وابن النن ما كان خافيا
وأسقطتما حملين عنهم ثقيلين
فيا فخر من يسعى على الأرض سالكا
وأبدع من يمشي عليها بعودين
عليكم سلام الله ما جن شاعر
وجنبك الرحمن سؤل النكيرين
.
.
.
.
فقلت:
قصيدتك العصماء ذات الخيالين
ترقت رؤاها في التسامي سماءين
عرجت بها نحو الأعالي محلقا
وشدت لها أُسَّين فوق السماكين
وكم من عيون للقصيد صقلتها
لتصبح تيجانا على الرأس والعين
ومعنى طرقت الخلقُ أطرق بعده
و وزنٍ على حرف لزمتَ بحرفين
وأضرمت من نار البلاغة موْقدا
وأشعلت في تقديسك الضادَ فودين
وترمي بسهم في القصيدِ مُبرِّزا
وفي شعرك الملحون ترمي بسهمين
لتمسك في الآداب منتصَف العصا
فتأوي إلى ركْنَينِ منها شديدين
مقامك فيها من مقامك في العُلى
بعرشين منصوبين فوق المدى اثنين
تفجر إشراقا من اللفظ كوكبا
منيرا وإبداعا من. البيت بيتين
فيا لاتحاد الشعر والنثر والرؤى
وروضة فكر أخرجت منك زوجين
لِتنثرَ في بحر المحيط لآلئا
بقاموسك المصقول من درن الرين
وترفع منه للقواعد بيتها
مضيئا على الإبداع ليلا بفجرين
مُطِلا بنور في المجاز يشدنا
بعروته الوثقى إليه بحبلين
وصدقا نعيش الحلم فيه تصوفا
فنحن وإياه ولدنا صديقين
زمانا سيبكيه المكان توحدا
وإن ضمّ في طيّاته زمكانين
وتبكي على آلام شعب خبرته
قويا وقد أضناه كر الجديدين
وطوحت في أرض المشارق باحثا
فذُقْتَ بها قهر المتاهات والبين
فطورا بأرض الشام تسكن شامها
وطورا بأكناف الإمارات في العين
وعدت إلينا في البلاد مغربا
لتزرع في قفر من الأرض حرثين
وتحفظ أمنا قد دخلت لضبطه
فواكبته حولا وهاجرت حولين
وإذ نفشت في الحرث أغنام حيكم
أعيذك بالباري من السحر والعين
وحيث دخلت الأرض يهرب أينها
فأين إذا تمضي إلى أين بالأين
قصيدتك العصماء فاح عبيرها
نسيمين من روح الجمال عليلين
وأطلقت فيها للخيال عنانه
لتخلق منها للكناياتِ كونين
مجازاتها بحر تطاول موجه
وأجراسها تدعو للفت انتباهين
مدحت بها خلا ألفت مديحه
فبادلته في الود حبا بِحبين
وخضت بها لج البلاغة سابحا
على ذات ألواح تراءت بلوحين
تقلبها قلبا فترقص قالبا
كأنك لم تكتب سواها بقلبين
أجزتك فيها سيدي وأجازها
إمامان ما أعلاهما من إمامين
هما ابن المعلى الشهم سيد عصره
وسيدنا ابن النّنِّ هذين طودين
فأكرم بإسماعيل فضلا ومحتدا
وجودا وأخلاقا وأكرم بهذين
فيا باعثا لحن المحبة بلسما
إلى رجل بادلته الود ودين
ويا صادق الوعد الذي ظل كاسمه
يبادلنا عطف البيان بعطفين
عليك سلام الله يا خل أولا
فبيتك مفتوح ولكن ببابين
عليك سلام الله ياخل آخرا
ويحسن إسماعيل رد السلامين
ملامح ردي للجواب ملاحم
سأطرح فيها للنوادي سؤالين
متى يجد المجروح منا ضماده
وقد ظل مكلوما يغني بجرحين
ومن أين تسقي المفردات حروفها
وكيف لنص أن يعيش بوجهين
وعندي سؤال في القصيدة قائم
على بعد صمت من فداحات حربين
على بعد صمت من تخاذل أمة
ترى الطفل يبكي الأمّ و الأمّ طفلين
عن الجيل تلو الجيل يقتل صامدا
وفي كل حين يبعث القتل ضعفين
متى تَنشر الباءات سر نقاطها
وقد عايش الإنسان قهرا وبائين
وخلفي سؤال لم أحدد مجاله
ويحتاج بعد الغوص فيه جوابين
متى تلد الأُمّاتُ منقذ أمة
وقد عاشَتِ التهجير و القتل عصرين
وأسئلة التاريخ تَقتُلُ نفسها
قرونا وتحيا ربما بعد قرنين
فيا سيد الحرف الذي أنت صنوه
ومسكرنا فيه بكرمين صرفين
أعنِّي فإني قد وجدتُ تساؤلا
ككنز دفين في جدار اليتيمين
بشيطان شعرٍ يسبقُ الطرفَ ردُّه
لِيُسقطَ عرش الخصم في طرفة العين
و باءٍ تجر النصر من بعد نصبه
وتمنحه فتحا و لو بعد ضمين
و فتش عن التحرير في نفس صامد
يسبح بسم الله في وجه موتين
فحِيناً يرى الأطفال تلعب بالردى
وحينا يرى الإنسان يحيا مع الحين
فدمر من النجم القديم مواقعا
وأرسل إلى النجم الجديد بضوئين
أحييك صوتا صادقا في ندائه
وأقوى على لوك النداءات لحيين
فناد على أقواسنا وسهامنا
وجيشٍ يرد الجيش مابين بحرين
وقارِب لنا أقواسنا إن تباعدت
وقرِّب لنا آمَالنا قاب قوسين