بيروت

بيروت كل القارعات سلام..
ذهب الرجال ودالت الأيام..
البحر حولك موجة من دمعنا...
ودموعنا للسامرين مدام...
نبكي .. وبعض بكائنا ضحك وبعــ(م)..
ـض شجوننا وهمومنا أوهام...
والصخر، يا بيروت، رمل قلوبنا..
قست القلوب ولانت الآكام...
لا تنكري الآهات فهي نشيدنا..
وترنّحي، فأنيننا أنغام...
لا تنكري إحجامنا وذهولنا..٢
إن الرجولة عندنا الإحجام
لا تنكري فرساننا.. ففوارس الز(م)
من الجديد عجائز.. أقزام
لا تنكري إغضاءنا وحياءنا
فالأرض رمل.. والرجال نعام
لا تمنعينا أن نهدّم بيتنا
فقصورنا مهما علون حطام
وإذا هجعنا في الوغى فتفهمي
فالساهرون السامرون نيام
لا تنكري أحساب قومك.. إنهم
أهل النهى، لكنهم أيتام
بيروت صبرا.. ما لرهطك حيلة
إلا الكلام.. وهل يفيد كلام؟
ستقاتلين العالمين وحيدة
فبنو أبيك عن القتال صيام
كل الخصال ترهلت في رهطنا
إلا الكرامة.. فهي، بعد، غلام
كثرت مضاربنا.. وطال بناؤنا
فبكل سفح دارة وخيام
وبكل واد راية مشطورة
وبكل حيّ شرطة و"نظام"
وبكل بطن للبسوس غوائل
وبكل بيت ضجة وخصام
وسحابة الدم في سمانا ديمة
هطالة حيث السحاب جهام
وبكل أندية القمار رؤوسنا
مرفوعة ورؤوسهم أقدام
وإذا ثري صال منا صولة
فهو الكمي الفارس المقدام
وإذا تدار الكأس ذات عشية
في محفل فبنو أبيك كرام
لا يخدعنك بعد رقم هائل
فقليلة أبدا هي الأرقام
سلب الغزاة حقولنا وعقولنا
وحلومنا فكأننا أنعام
لبّ المصيبة.. أن نعيش بذلة
فالذل موت في الحياة زؤام
بيروت أنت القدس.. أنت ديارنا
أنت الشآم.. وكل أرضي شام
في كل قلب منك نبض عاصف
وبكل صدر أنّة وسقام
وبكل جسم منك جرح نازف
أنت الجراح.. وكلنا أجسام
فإذا ركعت فأنت حرّ وجوهنا
وإذا هويت فأنت منا الهام
بيروت صبرا يا أعزّ أسيرة
في كل بيت.. والبيوت ركام
شابت نواصينا.. وطال رضاعنا
فمتى نشب؟ متى يكون فطام؟
ومتى نكف عن البكاء.. فإنه
غاض الكلام.. وجفت الأقلام
آلامنا رحم العلى ومخاضها
فمتى ستنجب هذه الأرحام؟
بيروت أنت قصيدنا ونشيدنا
كل الهوى إلا هواك حرام
لم يبق في ظلم الليالي شمعة
إلاك .. فالدنيا سواك ظلام
لم يبق في الصحراء إلا أرزة
لم يعدها ظل ولا أنسام
لم يبق إلا خيمة عربية
لم يبق إلا صهوة وحسام
لا تيأسي.. لا تيأسي.. فلنا على
علاتنا همم سمت وذمام
فلرب قارعة تنبه نائما
ودم جرى فتفتقت أكمام
أنت المعاد وكلنا سفر.. وكلّ(م)
رحيلنا إلا إليك مقام
كل الحياة إلى ذراك مسيرة
كل الجهات لمن يسير أمام
وغدا يهبّ النائمون.. غدا يعو(م)
د الفاتحون وتورق الأحلام
ويرفرف العلم الكبير مظللا
سعف النخيل ... وتسقط الأعلام